السبت، 29 يناير 2011

المنظومة المتكاملة للنهوض باللغة العربية الفصحى

أ. د. حامد طاهر(*)
تقديــم :
وصلت حالة اللغة العربية الفصحى على ألسنة أصحابها إلى مستوى لم يعد يحسن السكوت عليه ، ولا يقتصر هذا فقط على أولئك الذين درسوها دراسة عابرة ، وإنما يسرى أيضًا على غالبية المتخصصين فيها ، والمشتغلين بها ، ممن تتطلب مهنتهم ضرورة استخدامها كالمعلمين، والمحامين ، والإعلاميين وغيرهم ، بل إن الكتابة نفسها باللغة العربية الفصحى قد أصبحت هى الأخرى تعانى من الهبوط ، فقلما تقرأ كتابا أو مقالاً أو حتى تقريرًا باللغة العربية دون أن تجد صاحبه يقع فى أخطاء متعددة ، لا تتصل بضعف الأسلوب فحسب ، وإنما قد تؤدى أحيانًا إلى قلب المعنى تمامًا .

وليس يعنى هذا أن حالة اللغة العربية الفصحى حاليا هى أسوأ من حالتها فى القرن أو القرون الماضية ، فنحن نعلم أنها قد تعرضت لفترة طويلة من الإهمال ، الذى نتج عنه فصلها أو شبه فصلها عن ميادين الحياة العامة ، مع غلبة اللهجات العامية عليها ، بالإضافة إلى ما وفد إليها من اللغات الأجنبية ، واندفاع عدد كبير من أصحاب العربية إلى إجادة هذه اللغات ، وإهمال لغتهم الأصلية ، ومما لا شك فيه أن انتشار التعليم فى أنحاء الوطن العربى خلال القرن العشرين قد زاد من شيوع اللغة العربية الفصحى ، ولكنه شيوع لا ينهض على أساس متين من المعرفة الصحيحة بها ، واستخدام الطاقات الهائلة الكامنة فيها .
والملاحظة التي يؤكدها الواقع المشاهد أن المتحدث باللغة العربية الفصحى يعانى معاناة شديدة : أولاً من خشيته من الوقوع في الخطأ (أي ما يخالف القواعد التي يعرفها بالفعل ، وأحيانًا لا يعرفها) وثانيًا من صعوبة إيجاد المفردة الصحيحة للمعنى الذي يقصده ، وفى أحيان كثيرة لا يوفّق فى ذلك (مثل جمع أكفاء بتشديد الفاء للمفرد كفء) ، وثالثًا من عدم صحة تركيب الجملة العربية لكي تؤدى معنى أو فكرة محددة ، ومن الواضح أن جوانب هذه المعاناة تنعكس مباشرة على تفكيره الذي ينبغي أن يوصله للآخرين من خلال اللغة ، وهنا نرى أنه بدلاً من أن تصبح اللغة وسيلة سهلة لنقل الأفكار وتبادلها تتحول إلى عقبة مروعة يسعى المتحدث إلى تجاوزها ، ومحاوله التغلب عليها .
أما بالنسبة إلى اللغة التي يستخدمها الخطباء والوعاظ فهي لغة قديمة ، تجمدت معانيها في قوالب شبه محددة ، ولم يعد على المتحدث بها إلا حفظها عن ظهر قلب ، ثم إعادة إلقائها على المستمعين بصورة رتيبة ونغمة مكررة ، دون أن يراعى حالة التواصل الحي التي ينبغي أن تكون بينهم وبينه . ولا نريد أن نستطرد فى أن أحد أهم الآثار المترتبة على انعدام هذا التواصل ما نراه من انفصال الشباب عن المفاهيم الدينية المعتدلة ، التي كان ينبغي أن تسود في المجتمع من خلال لغة قريبة من مداركهم .
والخلاصة أن حالة اللغة العربية الفصحى لا تسر محبا لها ، أو حريصًا على النهوض بها لكي تقف بكفاءة بين لغات العالم الآخذة في الانتشار ، مع أن اللغة العربية كانت أحق من غيرها بالحركة والذيوع حتى تستجيب للمحتاجين إليها فى شتى أنحاء العالم ، ممن يهمهم معرفتها باعتبارها مفتاح التراث العربي الإسلامي ، فضلاً عن إمكانية استخدامها فى مؤتمراتهم ولقاءاتهم الدولية .
ومما يزيد الحاجة إلى النهوض باللغة العربية الفصحى ما يبدو حاليا من رغبة جمهوريات إسلامية بأكملها ، خرجت من سيطرة "الاتحاد السوفيتي" على مقدراتها ، في أن ترتبط بالتراث العربي الإسلامي ، ولا تجد وسيلة لذلك أفضل من اللغة العربية ولدينا بالفعل طلبات كثيرة من هذه الجمهوريات لمساعدتهم فى تعلم اللغة العربية .
إن الوعي بأهمية المشكلة ، والإحساس الصادق بضرورة إيجاد حل لها كانا من أهم دوافعنا للتفكير في بحث أسبابها ، والوقوف على عوامل تدهور المحاولات والتجارب السابقة أو ضعفها ، مع الاستفادة من كل جوانبها الإيجابية ، والخروج من ذلك بنتيجة جديدة تكون قابلة للتطبيق العلمي ..
من خلال وضع "منظومة"متكاملة للغة العربية الفصحى تكون دليلاً عمليًا ، ومرجعًا مفيدًا لكل من المعلمين والمتعلمين معًا ، ولأصحاب اللغة أنفسهم أولاً ولغير الناطقين بها ثانيًا .
لقد توصلنا إلى أن الخطأ الرئيسي الذي كان يوقف أو يضعف كل محاولات تيسير تعلم اللغة العربية – يرجع أساسًا إلى تناول اللغة العربية بصورة منقوصة ، حيث تركزت كل المحاولات السابقة تقريبًا على إصلاح القواعد النحوية ، مع أن هذه القواعد لا تمثل فى مجال تعلم اللغة – أى لغة – إلا جزءًا واحدًا منها ، وتظل هناك أجزاء أخرى متعلقة بالمعجم ، والأفعال ، والأدوات ، والأساليب المتنوعة ، التى تكوّن الثروة اللغوية اللازمة لمتعلم اللغة العربية الفصحى .
كذلك توصلنا إلى أن المصطلحات الفنية المستخدمة فى قواعد اللغة تقف عقبة دون الوصول إلى الهدف الحقيقي ، وأنه مع الاستعانة ببعض تجارب اللغات الأجنبية الأخرى يمكن التغلب على هذه العقبة (كما هو الحال فى وضع قاموس للأفعال ، وآخر للأدوات) .
ومما لاحظناه أيضًا أن معلمي اللغة العربية الفصحى يركزون فى أغلب الأحيان على "تعليل" القواعد ، فضلاً عن تعليل الأساليب التي تخرج عن هذه القواعد .
وقد وجدنا أن التعليل الذي قد يكون من اهتمام المتخصصين لا ينبغى أن يصحب تعلم اللغة أصلاً ، وخاصة في مرحلتها الأولى والأساسية .
إننا مقتنعون تمامًا بأن هذه المنظومة التي نقدم مشروعها اليوم كفيلة بالقضاء على معظم الأخطاء التي وقعت فيها المحاولات السابقة التي تمت في مجال تعليم اللغة العربية الفصحى ، كما أنها الوسيلة الناجعة لتمكين الراغبين في تعلمها من السيطرة عليها ، وإجادتها ، سواء مع وجود معلم أو بدونه .
وأخيرا لابد من الاعتراف بأن تعلم أي لغة لا يكتمل إلا من خلال الممارسة في وسط يتحدث بها فعلاً ، كما أن الرغبة في تعلم اللغة إنما تقوى بإحساس المتعلمين بمدى الفائدة التي تعود عليهم منه . وقبل هذا وذاك لابد من أن يتوافر بين يدى المتعلم مثل هذه المنظومة المتكاملة التي نقترحها .
1- قاموس عصري المفردات
على الرغم من الجهود السابقة في هذا المجال فإنها لا تفي بحاجة أبناء اللغة العربية أو الراغبين في تعلمها ، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب أهمها :
1- الترتيب : فمازال يتبع النظام العربي القديم بالاعتماد على الجذر اللغوي ، وهذا يقتضى من الباحث عن كلمة مثل "استحضار" :
أ- تجريدها من حروف الزيادة .
ب- ردها إلى جذرها اللغوي .
جـ- البحث عنها فى مادة "الحاء" .
وإذن فالباحث في القاموس العربي عليه أولاً أن يكون ملمًا بعلم "الصرف"، وهو ليس في متناول المبتدئين لصعوبته .
2- التركيز على الكلمات الميتة: فهذه القواميس مازالت تترسم خطى القواميس القديمة فى اشتمالها على كلمات انتهى استعمالها أو قل ، لأنها كانت ترتبط بقبائل معينة أو ظروف معينة .
3- الحشو بالشواهد : تمتلئ القواميس العربية بالكثير من النقول والاستشهاد الشعرية التي تعتبر في كثير من الأحيان من الشواذ اللغوية التي لا تمثل قاعدة ولا تفيد المتعلم المعاصر .
4- لا تتواكب القواميس الحالية مع لغة الحياة المعاصرة الجديدة التي أصبحت تتطلب معرفة وشرحًا تمهيدًا لدقة استخدامها . من ذلك مثلاً كلمة "سحب" التي تعنى "جر" لابد أن يوضع بجانبها مثال "سحب شيكا" أو "سحب من الرصيد" وهى لغة بنكية ، وليس فى المعجم الوسيط مثلاً – الذي أخرجه مجمع اللغة العربية – الفعل "برمج" الذي يعنى "وضع برنامجًا" ، أو صممه في حين أن كلمة "برنامج" موجودة به !!
5- تستخدم القواميس الحالية فى الشرح لغة غير مفهومة أحيانًا للقارئ المعاصر ، فمثلاً نقرأ في المعجم الوسيط فى مادة (أهل) كلمة "استأهل" : أخذ الإهالة وائتدم بها ، واستأهل الإهالة : أهلها .
لذلك تبدو الحاجة ملحة إلى عمل قاموس جديد يكون معاصرًا بمعنى الكلمة بحيث يحتوى على اللغة العربية الفصحى الحية ، ويفيد منه القارئ العادي بأسرع وسيلة ممكنة ، وبأسهل منهج ، وقد رأينا أن يقوم هذا القاموس على مجموعة من الأسس أهمها :
1- ترتيب الكلمات ألفبائيًا بصرف النظر عن الجذر اللغوي لها ، فيوضع كل اسم أو فعل أو أداة في موضعها كما تنطق وتكتب بالفعل . وبذلك يمكن الرجوع بسهولة إليها في ترتيبها المعهود فى المعجم دون بذل أى جهد فى البحث عن جذرها الاشتقاقي .
2- الاقتصار على كلمات اللغة العربية الفصحى المعاصرة من ناحية ، ومن ناحية أخرى اللغة القديمة التي مازالت تستخدم بالفعل .
3- يراعى في الشرح ضرورة استخدام لغة أبسط وأسهل من الكلمة المراد شرحها . وبذلك نتجنب عيبًا أساسيا يسرى في كل القواميس العربية التي ظهرت حتى اليوم .
4- العناية بالدلالات الجديدة التي اكتسبتها ألفاظ اللغة العربية عبر تطورها فى العصر الحاضر .
5- يراعى في إيراد الأمثلة أن تكون مستمدة بالفعل من نصوص عربية مستخدمة : قديمة أو حديثة ، وعدم اللجوء إلى الأمثلة المصطنعة أو المخترعة ، كما حدث في المعجم الوسيط عندما اخترع واضعو المعجم كلمة (ملبنة) للإناء الصغير الذي يوضع فيه اللبن ، ويقدم مع الشاي للضيوف ؛ في حين أن اسمه الذي يطلق عليه بالفعل هو (لبانة).
6- ضرورة التخفيف من كل الاستطرادات والتفريعات حول كل مادة حتى يؤدى القاموس المقترح الغرض منه بأسرع وسيلة ممكنة ، وفى أقصر وقت ممكن.
7- تزويد القاموس بالصور "الفوتوغرافية" وليس بالرسوم ، حتى تساعد القارئ على المعرفة المباشرة للشيء .
2- قاموس الأفعال
الأفعال في اللغة العربية الفصحى تمثل جزءًا أساسيًا من بنية الجملة ، فهى التى يتوقف عليها عنصر الزمن الماضي والحاضر والمستقبل ، ولغتنا العربية من أغنى لغات العالم في هذا المجال .
ومن المعروف أن هناك علمًا متكاملاً يختص بتصريف الأفعال ، واشتقاقاتها هو علم "الصرف" ، وهو علم يقوم – في جزء كبير منه – على القياس (أي وضع قاعدة وتطبيقها على كل ما يندرج تحتها) ، ولكن المتحدثين باللغة العربية يصعب عليهم إتقان هذا العلم ، فضلاً عن دراسته، أو الإلمام بقواعده الأساسية ، ولذلك فإنهم يلجأون إلى السماع والمحاكاة , وهنا يأتي الخطأ ، وتتعدد الأغلاط إما فى التصريف ، أو فى ضبط أوزان الأفعال ، أو حتى في الاشتقاق .
لذلك رأينا أن يتم وضع قاموس مخصص لكل أفعال اللغة العربية المستخدمة بالفعل ، وعمل مجموعة من "نماذج" هذه الأفعال التي تندرج تحت كل منها مجموعة كبيرة جدًا من مثيلاتها.
وسيتم وضع الأفعال مرتبة ألفبائيًا فى فهرس يشير كل رقم أمامه إلى (الفعل – النموذج) الذي يتبعه .
وبذلك يمكن لأي قارئ عادى لم يطلع على علم الصرف إطلاقًا أن يستفيد من هذا القاموس بمعرفة تصريف الفعل إلى (ماض – مضارع – أمر) ، وإسناده إلى الضمائر المختلفة (المتكلم – المخاطب – الغائب) ، والفعل المسند إلى (المفرد – المثنى – الجمع) ، وإلى (المذكر – المؤنث) ، والفعل المبنى للمجهول – مع تحديد حالة الفعل في مواقع (الرفع – النصب – الجزم) . (مرفق أمثلة من هذه النماذج) .
الصـــور
3- قاموس الأدوات
تقوم الأدوات في اللغة العربية بدور رئيسي ؛ فهي التي تربط بين أجزاء الجملة الواحدة ، وبين الجملة وغيرها ، كما أنها تقوم بدور أساسي فى استقامة معنى الجملة ، وتحديد دلالتها على المقصود منها . كما أن هناك عددًا كبيرًا من أفعال اللغة العربية ترتبط دائمًا بأداة معينة فى استخدامها ، وهناك مجموعة أخرى من الأفعال يتغير معناها بتغير الأداة الملحقة بها مثل (رغب فى : التى تعنى أقبل على الشيء ، ورغب عن : التى تعنى أعرض عن الشيء) .
ومن الملاحظ أن استخدام الأدوات على ألسنة المعاصرين لم يعد يتميز بالدقة أو التحديد اللازمين ، وكثيرًا ما نجد خلطًا فى استخدام الأدوات للربط بين مفردات الجملة ، وعدم الدقة فى الربط بين الجمل ، ويمكن القول بأن هذا المجال يتعرض لفوضى بالغة .
ولا يقتصر سوء استخدام الأدوات على اللغة الشفهية وحدها ، وإنما يسرى – مع الأسف – فى اللغة المكتوبة أيضًا ، ولا يستثنى من ذلك الكثير من المقالات الصحفية والتقارير والكتب العلمية .
لذلك كان من اللازم التفكير فى وضع قاموس مخصص للأدوات واستخداماتها فى اللغة العربية ، يتم ترتيبه ألفبائيًا لسهولة الاستفادة منه ، ويستطيع أي قارئ عادى أن يتعرف على معنى أى أداة واستخداماتها المختلفة ، مشفوعة بأمثلة توضيحية يمكن بسهولة أن يقيس عليها .
ومن الجدير بالذكر أن هذه المحاولة تعتبر هى الأولى من نوعها فى مثل هذا المجال (مرفق أمثلة من الأدوات) .
(لا) معانيها واستخداماتها :
1- تكون نافية
مثل : لا يتفوقُ الكسول .
2- تكون ناهية
مثل : لا تتحركْ من هنا .
3- تأتى إجابة بالنفي :
مثل : هل لديك وقت فراغ ؟ - لا .
4- تكون نافية للجنس
مثل : لا رادَّ لقضاء الله .
5- قد تأتى للنفي وللعطف معا
مثل : أخافُ اللهَ ، لا للناسَ .
(ما) معانيها واستخداماتها :
1- تكون نافية للجملة الفعلية
مثل قوله تعالى : }مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ{ .
2- تأتى نافية للجملة الاسمية
مثل قوله تعالى : }وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ{ .
3- تأتى شرطية
مثل قوله تعالى : } ما تفعلوا من خيرٍ يُوَفَّ إليكم{ .
4- تأتى بمعنى الموصول لغير العاقل
مثل : لم يعجبني ما فعلتَ .
5- تأتى بمعنى المصدر
مثل : أدهشنى ما قمت به .
6- تأتى استفهامية
مثل : ما موقعُنا من الاقتصادِ العالمى ؟
4- كتاب القواعد الأساسية
تتمثل الصعوبة الأساسية بالنسبة لقواعد اللغة العربية فى علم النحو. وأبرز ما يمثل هذه الصعوبة هو المصطلح النحوى القديم الذى لم يتطور حتى الآن مثل قولنا (منصوب على نزع الخافض) ، وقولنا (مرفوع بالضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر أو الثقل) ، وقولنا (مبنى على الفتح المقدر) ومن الواضح أن مثل هذه العبارات عندما يفاجأ بها متعلم اللغة العربية فإنه لا يستوعب معناها الذى يحتاج إلى شرح مطول لفلسفة بناء النحو العربي .
وهناك صعوبة أخرى تتمثل فى التعامل مع المكملات والأمور الفرعية فى النحو العربي مثل الأساسيات ، بل أحيانًا تأخذ هذه الأمور الفرعية اهتمامًا أكثر ، مما يؤدى إلى تقلص دور الأساسيات ، وعدم ظهورها بصورة واضحة للمتعلم المبتدئ .
ومن الصعوبات التى تقابل متعلم اللغة العربية ما ينتشر فى القواعد مما يسمى بـ (الشواهد النحوية) ، وغالبيتها يعتمد على أبيات من الشعر لا تتكرر كثيرًا فى اللغة العادية ، فضلاً عن أن الشعر له لغته الخاصة التى يمكن التجاوز فيها بخلاف اللغة العادية .
ومن أهم الصعاب التى تعترض سهولة النحو العربى ما يشيع من اهتمام مبالغ فيه بـ (الإعراب التقديري) الذي لا يظهر أثره الملموس للمتعلم المبتدئ .
وعلى الرغم من ظهور محاولات متعددة – وبعضها جيد – لتيسير النحو العربى ، فإن القواعد النحوية مازالت تتبع الأسلوب القديم نفسه ، ولا تأخذ بأىِّ من هذه التطورات .
لهذا كله وجدنا من المناسب أن يتم عرض قواعد اللغة العربية بلغة معاصرة تعتمد على المادة اللغوية المستعملة بالفعل ، سواء فى التراث العربى أو فى العصر الحاضر مع تجنب كل السلبيات التى أشرنا إلى بعضها فيما سبق ، والتركيز – فى الوقت نفسه – على أساسيات الجملة العربية .
وسوف ينحصر كتاب القواعد الأساسية للغة العربية فى ستة أجزاء رئيسية تضم كل أبواب النحو العربى على النحو التالى :
1- الجملة الاسمية .
2- الجملة الفعلية .
3- المرفوعات .
4- المنصوبات .
5- المجرورات .
6- التراكيب اللغوية الخاصة .
5- كتابا النماذج والمختارات
من أهم الأمور فى مرحلة تعلم اللغة العربية الفصحى توافر مجموعة كافية من النصوص النثرية والشعرية التى تمثل الثروة اللغوية الأساسية لدى المتعلم ، والتي يمكن – على أساسها ومع الاستعانة بها – أن يطبق ما يتعلمه من قواعد ، ويشاهد من خلالها مباشرة تنوع الأساليب، وتعدد الدلالات .
ومما يلاحظ على النصوص التى تقدم حاليا أنها تقتصر على بعض العبارات النثرية ، وبعض الشواهد والأمثلة الشعرية التى ترتبط عادة بظواهر لغوية ونحوية شاذة أو قليلة الاستعمال أو غير قياسية ، ويترك المتعلم لكى يقرأ بمفرده ما تيسر له حسب طاقته وثقافته ، وبهذا يغيب عن المتعلم مصدر أساسى وغنى للغة العربية الفصحى .
لذلك رأينا أن تضم المنظومة كتابين ، يختص أحدهما بنماذج مختارة بعناية من النثر العربى القديم والمعاصر ، ويختص الآخر بمختارات من روائع الشعر العربى عبر عصوره منذ النشأة حتى الوقت الحاضر .
ومما لا شك فيه أن عنصر الاختيار له دور هام للغاية فى تصميم هذين الكتابين ، ولكى نصل إلى أعلى مستوى من حسن الاختيار ، رأينا من المناسب أن يتم بصورة جماعية ولا ينفرد به شخص واحد ، حتى تتاح الفرصة لتنوع الأذواق وتعدد الرؤى والاختيارات .
ويتم هذا الاختيار عن طريق استخدام منهج علمى يقوم على الخطوات التالية :
1- تكلف مجموعة من الباحثين باختيار النماذج .
2- يطرح كل نموذج على عدد من المتخصصين فى اللغة والأدب لتقييمه وإعطائه درجة معينة .
3- تجمع درجات كل نص وتختار النصوص الحائزة على أعلى الدرجات. وبذلك نضمن جودة الاختيار وتنوعه .
ومن الجدير بالذكر أن وجود هذين الكتابين سيكون ضروريا جدا للمتعلم المبتدئ لأنه من ناحية سوف يطلعه على أروع وأجمل نماذج اللغة بقصد أن يحببه فيها ويقربه منها ، ومن ناحية أخرى سوف يحال إليها فى بقية أجزاء المنظومة وبخاصة الكتب رقم (2 ، 3 ، 4) .
أ- نماذج من النثر العربى
جرت العادة فى اختيار النصوص التى تقدم لمتعلمى اللغة العربية أن تكون من مجال الأدب ، دون أن تضم المجالات الأخرى مثل العلوم ، والاجتماع ، والاقتصاد ، والتاريخ ، والحضارة ... إلخ . وقد أدى الاقتصار على مجال الأدب وحده إلى فصل المتعلم عن تلك المجالات التى ترتبط ارتباطًا مباشرًا بحركة الحياة فى المجتمع .
ومن الملاحظ أن لغة الأدب تحتوى أحيانًا على بعض الظواهر اللغوية التى لا تخضع تمامًا لقواعد اللغة ، إلى جانب احتوائها على بعض التغيرات المبتكرة أو الأساليب الخاصة التى ترتبط بكل كاتب على حده .
يضاف إلى هذا وذاك أن كتب المختارات النثرية لم تواكب تطور اللغة العربية الفصحى حتى العصر الحاضر ، واكتفت فى الغالب بالوقوف عند النصف الأول من القرن العشرين ، ولم يظهر منذ ذلك الوقت أى كتاب يمكن الاستفادة منه فى هذا المجال .
لذلك فإن الحاجة أصبحت ماسة إلى وضع كتاب يضم نماذج من النثر العربى فى مختلف عصوره من ناحية ، وفى مختلف مجالات الحياة من ناحية أخرى ، بشرط أن تكون هذه النماذج المختارة جذابة للقارئ وغنية بالمعاني والمضامين ، وبعيدة عن التقعر والتكلف .
وبذلك يسهل على المتعلم محاكاتها والنسج على منوالها من ناحية، وتطبيق القواعد التى يتعلمها على هذه النماذج من ناحية أخرى .
(ب) مختارات من الشعر العربى
قيل إن "الشعر ديوان العرب" ، والواقع أن هذه المقولة مازالت صادقة حتى الآن . فالشعر له تأثيره القوى على الوجدان ، كما أنه يستقر فى الذاكرة نتيجة لما يحتوى عليه من وزن وقافية ، وقد ثبت بالتجربة أن الشعر مفيد جدًا لمتعلمى اللغة وخاصة عندما يكون سهل الألفاظ ، رقيق المعاني ، عذب الموسيقى ، والدليل على ذلك ما تقوم به الأغاني والأناشيد من دور مهم فى تعليم اللغة للأطفال .
ومن المعروف أن هناك العديد من كتب المختارات الشعرية التى وضعت فى العصور القديمة (حماسة بن تمام – مفضليات الضبي – الأصمعيات) ، وفى العصور الحديثة (المنتخب من أدب العرب) .
ومن الملاحظ أن المختارات الشعرية السابقة خضعت لذوق فرد واحد فى الغالب ، وعندما كان يتم تأليف جماعي فقد كان يجرى بأسلوب فردى تبعًا لتقسيم العمل بين المؤلفين .
وقد أصبحت الحاجة ماسة إلى وضع كتاب شامل فى مختارات الشعر العربى (القديم والحديث والمعاصر) بشرط أن يتم جمعه وانتخاب نصوصه على أساس جماعي يشترك فيه أكبر عدد من المتخصصين والمتذوقين للغة ، تبعًا للمنهج الذي أشرنا إليه فيما سبق .
خاتمة :
إن هذه المنظومة التى أقدمها اليوم للمسئولين عن تعليم اللغة العربية الفصحى فى المدارس والجامعات ومراكز التدريب أو تعليم العربية لغير الناطقين بها .. لم تنشأ من فراغ ، ولا وليدة فكرة سريعة ، وإنما جاءت بعد طول تأمل ، وممارسة فعلية ، وتجارب متعددة .
وبالتالي فإن المرجو والمأمول أن تسارع إحدى الجهات بتبنيها والقيام على تنفيذها، وإلا فإن الزمن يمر ، ومشكلات تعليم اللغة العربية سوف تزداد ، والشكوى منها سوف تتفاقم ، والجميع يتمنى ويرجو .. دون أن يتحقق شيء ملموس . والله ولى التوفيق ،،،
* *








ليست هناك تعليقات: