الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

د.إمام حنفي: إثارة قضية المرأة يستهدف هدم الإسلام من الداخل

حوارات

د.إمام حنفي: إثارة قضية المرأة يستهدف هدم الإسلام من الداخل
أجرى الحوار : أسامة الهتيمي
16/08/2010

--------------------------------------------------------------------------------

الإسلام دين الله وأحكام الله واضحة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة ففي القرآن آيات كثيرة تدل على أن المرأة مكلفة مثلها مثل الرجل ولها دور في المجتمع كما هو دور الرجل ومن هذه الآيات:(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) فالمساواة هي القاعدة والاختلاف هو الاستثناء ومع ذلك فإن الكثيرون ما زالو يشككون في هذا القيم الإسلامية الثابته غاضين الطرف والسمع والفؤاد عن كل ما قدمه المسلمون منذ بداية الدعوة وحتى اليوم مما يؤكد صدق المفاهيم الإسلامية تجاه المرأة.
ولذلك فإن من الواجب الذي يبدو في كثير من الأوقات أنه فرضا أن يتم الرد على ما يثيره هؤلاء المشككون من شبهات تهدف إلى تشويه الإسلام وهو ما دفعنا لإجراء هذا الحوار مع الدكتور إمام حنفي عبد الله الكاتب والباحث الإسلامي في الأخلاق .وهذا نص الحوار..
الناظر إلى الفكر الإسلامي لا يجد قضية اسمها المرأة غير أن أعداء الإسلام والغافلين يصرون على عكس ذلك .. من الناحية الواقعية هل لدينا مشكلة للمرأة وما هي بنظركم أسبابها؟
حقيقي لا توجد قضية اسمها "المرأة في الاسلام"، وانما هي من اختراعات وافتراءات أعداء الإسلام ، ولهم مقاصد من إثارة هذه القضية على وجه الخصوص وهو هدم الاسلام من الداخل بعد أن أعجزهم مواجهة المجاهدين من أبنائه في ميادين القتال وانهزموا أمامهم ، كما أعياهم اختراق الإسلام ثقافيا فتوجهوا إلى البناء الاجتماعي بغية اختراقه وهدمه وتقويض أساس الأسرة الذي يرعى المسلم والمسلمة ابنا وزوجا وأبا وأخا وابنة وزوجة وأختا وأما وهكذا
وبدا لهم بعض النجاحات ولاحت بعد ان أثروا في المرأة العربية والمسلمة عن طريق الإعلام الموجه الفاسد ونشر الموضة والافكار الخبيثة في الأمة ولكن هيهات لهم ذلك.
لقد لعب الاستعمار دورا كبيرا في فكرة تحرير المراة وإفسادها وخلع النقاب وخروجها في ميادين العمل لغير ضرورة واختلاطها في مواطن الشبهات والشهوات.
والحقيقة أنه عندنا مشكلة تحرير الإنسان وإنصافه من الاستبداد السياسي وإرساء دولة المؤسسات والقانون على اساس من الدستور الاسلامي. أما مشكلة المرأة فهي مشكلة زائفة وإلا فاين مشكلة الرجل وقضية الرجل في مقابل تلك القضية؟!
أذاً لعب الاستعمار وعملاؤه دورا بارزا في إثارة قضية المرأة واعتبروها ورقة رابحة في تغييير الواقع الاسلامي وتفتيت وحدته وكسر إرادته، يضاف الي ذلك جهل المسلمين أنفسهم بحقائق الإسلام وثوابته وقيمه الداعية الى العدل والمساواة والحق والخير.
وهكذا نجد المسلمين بين العادات الوافدة والتقاليد الفاسدة ضيعوا الدين ولم يحصلوا الدنيا !!!!! فالاسلام في واد والمسلمون فى واد آخر. فالله عز وجل يقول في محكم التنزيل:"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير " والمسلمون - حكومات وشعوب - أبعد ما يكون عن قيم الحرية والعدل والمساواة المنبثقة من دستورهم الإلهي العظيم !! فتكاد لا تري للمساواة أثرا واضحا في واقع المسلمين أفرادا ولا جماعات ، وهذا حديث ينبغي ان نفرده بحوار مستقل فيما بعد ولا ينبغي أن ننسى وصايا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : "المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا وقوله:" لا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوي كلكم لادم وادم من تراب". فلا مكان في الإسلام لدعاوى الغرب التي ترمي لتفسخ المجتمع الإسلامي
أما المرأة المسلمة الآن فرغم كل محاولات إفسادها والتاثير في إخلاقها وسلوكها ومحو هويتها الإسلامية فهي متمسكة بإخلاقها ودينها وقيمها.

يرى البعض أن أعداء الإسلام وجدوا في وضع المرأة المسلمة المتدني فرصة لإثارة قضيتها والادعاء بتهميش الإسلام لها.. ما تقييمكم لواقع المرأة المسلمة؟
لاشك أن المرأة في بلادنا تعاني بعض المشكلات التي جاءت نتيجة لأسباب عدة، منها تخلف المجتمع الإسلامي ببعده عن حقائق الإسلام وقيمه النبيلة ، وتأثره بالعادات والتقاليد البالية والتي تحرم المرأة في بعض المجتمعات من حقها الشرعي في الميراث أو تحرمها من حق اختيار الزوج المناسب، وكذلك شاركت الحياة المعاصرة بكل ما فيها من رواسب وما تنتجه من مشكلات للمراة فنجد بعض البيئات تحرمها من العمل اذا هي تغيبت لرعاية الطفل او حضانته او تحرمها من حق الحضانة نفسه في بعض الاحيان او حق الطلاق وعضلها وهكذا.
أما ما يدندن حوله اعداء الاسلام والمراة من حمل لواء التحرير وتخليصها من اسر واستبداد المجتمع الذكوري فهي دعوة معروفة والهدف نشاهده في البيئات الاوربية والغربية التي انتجته فاصطلت بنارها
مجتمع اللواط والسحاق والزنا والمثليين مصيره للفناء والدمار من الداخل وكفي الاطلاع على الاعلام الغربي الان وكيف يحذر ويجمع الجهود من اجل حل مشكلات ما بعد المعاصرة وتحرير المراة وانحلال المجتمع.
ولذلك نقول إن مشكلة المرأة في بلادنا هي مشكلة مجتمع بأسره يحكم بقوانين وضعية لا يحترمها الناس وأول من ينتهكها واضعوها ومشرعوها.
وفقدان المجتمع للأمان والشورى والديمقراطية بمفهومها الإسلامي والتي لا تحل حراما ولا تحرم حلالا ولا تعادي مجتمعا مسلما ولا توالي مجتمعا كافرا ولا تناصر عليه. فالمشكلة ليست مشكلة المرأة ولكنها مشكلة الإنسان المستضعف في بلاده، فعندما توضع الأمور في نصابها الصحيح ستجد المرأة أمنها وحقوقها الشرعية كاملة مكملة وغير منقوصة يقول الله تعالي: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال".
فالمرأة نفس والرجل نفس ولا فضل لنفس على نفس إلا بالتقوى والعمل الصالح، يقول الله تعالي" للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا" ، وقال تعالى: " ونفس وما سوها فألهمها فجورها وتقواها" ، وقال تعالى:"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون". فانظر إلى قوله تعالى: "من أنفسكم"، وكيف كرم الإسلام النفس الإنسانية - مطلق النفس- وكيف حط من هذا التكريم الاستبداد والفساد الاجتماعي، ففرق بين نفس ونفس فقهرها واغتصب حقها في الميراث وأذلها باسم القوامة وحق الولاية!!
وما هكذا أمر الشرع ولا أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "استوصوا بالنساء خيرا، انهن عوان عندكم"، وقوله " لا يكرموهن إلا كريم ولا يضربوهن إلا لئيم".

تحدثت العديد من المصادر التاريخية فضلا عن كتب السنة النبوية عن الدور الكبير للمرأة في أوائل الدعوة الإسلامية.. نود أن تسلطوا لنا الضوء على هذا الدور؟
جاء الإسلام بثورة ضد الظلم والاستبداد والقهر، فجاء بثورة لتحرير الانسان من عبودية العباد للعباد إلي حرية توجه العباد جميعا لربهم عبودية وطاعة وحكما عدلا.
ومن هذه الفئات التي كانت مستضعفة قبل الإسلام المرأة، فقد كانت مستضعفة في البيئة العربية وفي الإمبراطورية الرومانية والفارسية وعند اليونان وعند الهنود وعند أصحاب الأديان السماوية اليهودية والنصرانية، والذين اختلفوا هل هي نفس أم لا وهل هي كائن طاهر أم نجس؟!!!
وهكذا كانت المرأة مظلومة ومقهورة ومستضعفة في كل مكان من الأرض وعند كل أمة وفي كل دين حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم، والذي حرر الإنسان من قهر وعبودية واستبداد أخيه الإنسان له وكذلك المرأة. ولك أن تستمع إليه وهو يقول لأصحابه "استوصوا بالنساء خيرا" في آخر وصاياه في حجة الوداع وأمام أعظم مشهد عالمي يوصي رجال أمته بنسائها. واستمع إليه حين يقول" النساء شقائق الرجال" ، و"كمل من النساء اربع اسيا بنت مزاحم- زوجة فرعون- ومريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد". وينزل الله سورة في كتابه الكريم سورة فيسميها سورة النساء ولا تجد لها نظيرا في الحث على إنصاف النساء وتشريع حقوقهن في العدالة الاجتماعية والميراث والوصايا وغيرها، ويجعل لها ذمه مالية مستقلة لا يوجد مثيل لها في أي تشريع أو في أي دين، ولذلك لم يكن مستغربا في أن نجد القران يخاطب النساء كما يخاطب الرجال بشرعه على السواء لا فرق بين احدهم فخطاب الله إلى البشر ورسالته إلى الناس متجهة إلى المرأة والرجل على حد سواء ، وشخصية المرأة تجاه الرجل مستقلة تماما : فهي مطالبة بالإيمان بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر ومخاطبة بكافة التكاليف الشرعية دون وساطة أحد أو وصايته وهي تتحمل المسؤولية الكاملة في كل ذلك .
يقول تعالي:" إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ".
ويقول تعالى:" ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ".
وهكذا لما جاء خطاب التكريم بتخصيص النساء كان تأكيدا لتلك المكانة الكريمة للمرأة المسلمة كما ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في المصير فقرر أن البشر جميعا صائرون إلى الله الذي خلقهم أول مرة وكل واحد منهم ذكرا كان أم أنثى سيلقى هناك جزاء عمله في هذه الدنيا ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، فقال تعالى: " وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ". وقال: " وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى " وقال: " وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى " وقال: " ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى " وقال: "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ " وقال: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ".
وعلينا أن ننظر لمكانة ودور المرأة في صدر الإسلام، لنعرف كيف كرم الإسلام المرأة ورفع قدرها وشانها هي كل الميادين والمجالات.
ستجد أن أول من أسلم كانت امرأة وأول، من ناصر الدعوة بماله ونفسه امرأة وهي السيدة خديجة بنتت خويلد رضي الله عنها، ولذلك كان خليقا بالوحي أن ينزل على نبيه الكريم يبشره ويبشرها بقوله "يا محمد اقرأ خديجة من ربها السلام وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب".
وكذلك نذكر أن أول شهيدة في الإسلام كانت امرأة وهي السيدة سمية بنت خياط رضي الله عنها، والتي وقفت لزعيم الكفر وفرعون الأمة أبي جهل وقفة عز أن يقف مثلها أقوي الرجال، ولكنها صمدت بإيمانها ورفضت الكفر لتعيش واختارت الشهادة والجنة، ولم تكن وصية الرسول لآل ياسر سوي بشارة إلهية لأول أسرة مرابطة في الإسلام:"اصبروا آل ياسر فان موعدكم الجنة"، وتحقق وعد الله وموعوده فاستشهدت الأم واستشهد الأب وبعد سنوات ليست بالقريبة استشهد عمار في موقعة الجمل. وكذلك السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق" ذات النطاقين" والتي جاهدت في سبيل الله وضربت أعظم الأمثلة في البذل والعطاء. والسيدة نسيبة بنت كعب الأنصارية التي شهدت بيعة العقبة الأولى والثانية وجاهدت إلى جوار رسول الله في أحد حتى قال عنها صلى الله عليه وسلم: "ما نظرت أمامي أو من خلفي أو عن يميني أو شمالي إلا وجدت أم عمارة تدفع دوني" أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وكذلك السيدة عائشة ضي الله عنها والتي اختارها الله لنبيه فحفظت الشرع الحنيف وأخذنا عنها نصف العلم ، وكانت فقيهة الصحابة : "خذوا العلم عن هذه الحميراء".
والسيدة أم سلمة التي هاجرت الهجرة الأولي إلى الحبشة مع زوجها ثم عادت وجاهدت في سبيل الله وهاجرت الهجرة الثانية إلى المدينة، واستشهد زوجها واختار لها الله رسوله زوجا وعوضا ، نجد لها موقفا بطوليا في الدعوة لا مثيل له، وذلك يوم الحديبية لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يتحللوا ويذبحوا الهدي، فلم يتحرك أحد من مكانه فدخل عليها النبي وهو يقول: "هلك الناس"، فأشارت عليه أن يبدأ بالتحلل والذبح وسيتبعونه في العمل ففعل وفعلوا كما فعل فكانت خيرا وبركةعلى الاسلام والمسلمين .
وهناك السيدة زينب بنت جحش والتي نزل في حقها تشريع نتعبد به لله تعالى الي يوم الدين وهو تحريم التبني قال تعالى:" مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا "
فما كان من الحق تعالى إلا أن زوجها لنبيه من فوق سبع سموات :" فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا"، وكانت كثيرة الصيام والصلاة والصدقة. وكذلك السيدة أم هانئ والتي أجارت فأقر الرسول جوارها وأمضاه. ولما جاء الإسلام أسلمت المرأة وهاجرت ، مع كفر الزوج والأب وكافة الأقارب من الرجال، فهذه أم حبيبة بنت أبي سفيان تسلم وتهاجر مع أن أباها كان إذ ذاك من رؤوس الكفر ويرتد زوجها فتثبت هي على الإسلام . وهذه فاطمة بنت الخطاب تسلم قبل إسلام أخيها عمر وتكون هي سبب إسلامه بواسطة تصديها وتحديها له لما علم بإسلامها وأراد أن يفتنها. وهذه أم كلثوم بنت عقبة ابن أبي معيط تسلم وتهاجر رغم أن كل أفراد أسرتها كانوا على الشرك .
وكثيرات هن اللواتي كن السبب في إسلام أزواجهن منهن أم سليم زوجة أبي طلحة الأنصاري ، وأم حكيم بنت حزام زوجة عكرمة بن أبي جهل ، وغيرهن كثير
والنماذج التي جاءت في السيرة النبوية كثيرة وتكاد لا تعد، وفيهن جميعا القدوة والمثل الذي يحتذي في الدعوة والجهاد والبذل والعطاء.
بعد ذلك الاستعراض كيف يمكن لنا أن نستعيد هذا الدور النسوي الآن سواء على مستوى النهضة بالمجتمع أو على المستوى الدعوي؟
يمكن ذلك إذا أقررنا قواعد الإسلام ومنهجه الرباني في التأصيل والعمل، وكما قلت من قبل إن مشكلة الإسلام بيننا أننا تجاهلنا تطبيقه، ولكننا نهرع إليه ليحل مشاكلنا، فمثلا مشكلة المرأة الآن في العالم الإسلامي هو تجاهلها عند عدم الحاجة إليها ، أما الحديث عنها فجميل واستحضار أحاديث الرسول عن المرأة كأم مثلا ولا اروع ، فمثلا نجد بعض الأبناء يودعون أمهاتهم دور الرعاية أو لا يعتنون بهن عند الكبر أصلا ، ثم هم يبحثون عن حلول اجتماعية في الإسلام لمشاكل عقوق الأبناء!!! والآباء يشاركون الأمهات في هذه المشكلة ولكن أعداء الإسلام يسلطون الضوء على مشكلة ما كالرعاية الاجتماعية أو العنوسة أو الفقر أو الاستبداد الأسري من قبل بعض أفراد العائلة لهضم حقوق المرأة الاجتماعية أو تزويجها غير كفؤ من أجل المال أو الجاه أو إرغامها على ما لا تريد كأن تترك التعليم او تتنازل عن الميراث، وهكذا.
وللمرأة دور كبير للنهوض بالمجتمع عن طرق استعادة الوعي الإسلامي من الناحية الثقافية والإعلامية وعن طريق الجمعيات الإسلامية والمشاركة المجتمعية. وهي بالفعل تقوم بدور فعال في مجالات عديدة الآن فهي تشارك في التعليم فتعمل كمدرسة ووصلت إلى أعلى الدرجات والمراكز العلمية والإدارية والتربوية ، وهي تعمل في مجال الطب وبالجملة فقد طرقت أغلب الميادين واتسعت مشاركاتها بزيادة الوعي الديني بين أبناء المجتمع وبدأت كثير من الممارسات السلبية ضدها في الانحصار. أما في مجال الدعوة فنحن نشاهد صحوة ونهضة ظهرت ثمارها في المجتمع بانتشار الداعيات المسلمات في مجال الدعوة والارشاد الديني وتجاوز دورهن في المسجد والمعهد والكتاب إلى المشاركة الإيجابية في النهوض بالمرأة الريفية ومساعدة الأيتام ومحاربة العنوسة والأمية والجهل والمساهمة في إرشاد وتعليم غير القادرات بعض المهن اليدوية والبسيطة من أجل العمل والكسب المشروع وعدم السؤال والحاجة والعوز.
يحاول البعض الترويج بأن المرأة المسلمة لم تنل حقها في التعليم إلا في العصر الراهن وأنها ظلت محرومة منه طوال تاريخها.. ما تعليقكم على هذا وما موقف الإسلام من تعليم المرأة ؟ كما نود إعطاءنا بعض النماذج لعالمات مسلمات ؟
يجب التفريق بين المجتمع الإسلامي قبل الاستعمار وبعده، ومن هنا يمكن حل كثير من الإشكاليات التي تعترض الدارسين في التاريخ والفكر الإسلامي فقد ظل العالم الاسلامي قبلة الدنيا وجامعاته ومعاهده تأم طلاب العلم من كل مكان حتي بدأت الحملات الاستعمارية الغاشمة ، فبدأ كل شيء في الانحصار حتي وصلنا للمشهد الذي نقرأه قبل النهضة منذ أقل من قرن ونصف وظهور جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده وتزعمهما للنهضة الفكرية والعلمية، وظهور جيل من الرواد في الدين والأدب والتاريخ والعلوم الطبية والفلكية والهندسية فتسارعت عملية التغيير وأتي بثماره في نواح عديدة منها التعليم.
وبدأت حركة بناء المدارس مع تولي محمد على باشا لحكم مصر ومن المعروف أن أول مدرسة نظامية في مصر والعالم العربي لتعليم البنات هي مدرسة السنية في عهد الخديو اسماعيل اما قبل ذلك فقد كان التعليم في الكتاتيب والأزهر، وكان حظ المرأة من التعليم قليل جدا وكذلك الرجل ، إذ إن المماليك في عهودهم الأخيرة لم يهتموا بالتعليم وآمنوا بأن حكم شعب من الجهلاء أسهل وأيسر. ولكن إذا ما استعرضنا موقف الإسلام من العلم والتعليم على سبيل الإجمال وتعليم المرأة علي الخصوص نجد الحق في كتابه الكريم يوصي بالعلم والتعلم، فيقول تعالى :" قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"، "وقل رب زدني علما" ، "وعلمه مما يشاء" . "وعلم آدم الأسماء كلها".
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم "طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة". ويقول: "العلماء ورثة الأنبياء". ومن هديه صلى الله عليه وسلم تعليم صحابته وأبناء المسلمين، وقد كان فكاك الأسرى في بدر هو تعليم أبناء المسلمين. ولكم أن تعلموا أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت فقيهة الصحابة وكانت تعقد لعلمائهم الدروس ويشاورونها فيما يعن لهم من مسائل وقضايا ومن عالمات الصحابة السيدة أسماء بنت عميس.
من عالمات بيت النبوة السيدة زينب والسيدة نفيسة ومعجم الأعلام يزخر بمئات الأسماء من المحدثات الفقيهات. وفي عصرنا نجد العديد من عالمات الشريعة واللاتي تخرجن في الجامعات والمعاهد الشرعية والأزهر الشريف وعلى رأسهن نجد أسماء لامعة أثرت المكتبة الإسلامية بالكثير من المؤلفات.

الأحد، 1 أغسطس 2010

التنصير في العالم العربي.. معركة انتزاع الهوية تحقيق ـ أسامة الهتيمي ا

في حوار أجرته شبكة رسالة الإسلام وهو موقع دعوي معروف على شبكة الإنترنت يشرف عليه فضيلة الشيخ العلامة الدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان حفظه الله ، مع خالد المصري شمل الحوار مجموعة من المتخصصيين في مقاومة التنصير وكان الحوار عن الشأن التنصيري في العالم وفي العالم العربي
وإليكم هذا الحوار
-------------------------------------
التنصير في العالم العربي.. معركة انتزاع الهوية تحقيق ـ أسامة الهتيمي الخميس 07 محرم 1431 الموافق 24 ديسمبر
لم يعد خافيا على أحد ذلك التوسع المخيف في النشاط التنصيري في العديد من البلدان العربية والإسلامية والتي كانت وما زالت هدفا مهما في المخطط التنصيري الذي يسعى إلى إبعاد المسلمين عن دينهم وعقديتهم وإفقادهم لهويتهم ليكونوا فريسة سهلة يمكن السيطرة عليها.
وعلى الرغم من أن هذا النشاط التنصيري يعود تاريخيا إلى قرون ماضية فهو ليس وليد الفترة الحالية إلا أن التنصيريين تمكنوا وبكل أسف من تحقيق بعض النجاحات الجزئية في المرحلة الحالية حيث استغل هؤلاء الظرف السياسي السيئ الذي تعيشه الأمة العربية والإسلامية التي أضحت ضعيفة ومنكسرة أمام قوى التجبر العالمي بعد أن وجهت جحافل جيوشها المتسلحة بأحدث الأسلحة الفتاكة من أجل القضاء على أية محاولة لاستنهاض هذه الأمة وابتعاث حضارتها.
في محاولة من "شبكة رسالة الإسلام" للكشف عن أبعاد النشاط التنصيري في بلداننا العربية والإسلامية ومشاركة في البحث عن أسباب تزايده وكيفية مواجهته كان هذا التحقيق الذي استند إلى مجموعة من الدعاة والمتخصصين في شئون التنصير.
الاستقواء بالخارج

في البداية يقول الباحث المتخصص في الشأن القبطي حاتم أبوزيد

إن النشاط التنصيري ليس جديدا فقد بدأ في مصر مع الاحتلال الإنجليزي ولما فشل في دعوة المسلمين توجه إلى النصارى وهذا هو سبب وجود طوائف نصرانية لم تكن موجودة من قبل في مصر وقد زعزع هذا النشاط الطائفة الأرثوذكسية والتي تتمتع بأغلبية في وسط النصارى مما حدا بهم في ذلك الحين وبالتحديد عام 1931م أن يطلب النصارى بتنظيم بناء الكنائس لأن الجمعيات التنصيرية كانت مرتبطة بالمحتل خاصة وبالأجانب عموما وكان لديهم تمويل بلا حد يمكنهم من بناء الكنائس وإغداق الأموال على الأتباع لذا وبناء على رغبة النصارى المصريين أصدرت وزارة الداخلية في ذلك الحين قرارا بتنظيم بناء الكنائس والذي أطلق عليه فيما بعد "الخط الهمايوني".

وأضاف أبو زيد أن النشاط التنصيري فشل في الماضي واستمر في ذلك الفشل حتى بدأ يظهر من جديد مؤخرا لكن الخطورة أن هذا النشاط أصبح مرتبطا بأجندة سياسية وبجهات خارجية يستقوي بها وهؤلاء في الحقيقة لا يغضبون لدين ولا يبحثون عن حق ولكنهم يسعون لتحقيق هدف سياسي بأية طريقة حتى ولو كان بالتحالف مع الشياطين وإلا فإن النصرانية ومريم قد تعرضتا للسب والازدراء على يد اليهود فلم نر منهم رد فعل.
وأوضح أبو زيد أن تزايد النشاط التنصيري مرتبط بحالة الضعف التي يمر بها النظام العربي عامة وبخاصة في البلدان التي يكثر فيها عدد النصارى ومن ذلك مثلا مصر والدليل على ذلك هو ردود الفعل على الأزمة الأخيرة الخاصة بكتاب " تقرير علمي" للدكتور محمد عمارة.
وأشار أبو زيد إلى أن ما يسمى بالحوار والتقارب بين الأديان كان الهدف منه إحراج المؤسسات الرسمية الدينية المسلمة وإجبارها على تقديم تنازلات قد تصل إلى ما لا يرضى عنه العقلاء وهذه التنازلات يتم النفاذ من خلالها إلى المجتمع المسلم الذي هو المستهدف في النهاية وهي في الحقيقة تشبه حوارات السلام مع "إسرائيل" فهم غير مؤمنين بحوار مع الآخر كما يسمونه ولا بالآخر ولا حتى بحقه في مجرد الوجود ولكنه نوع من استدراج للآخر حتى إذا وصلوا لنهاية اللعبة قلبوا الطاولة.. فالخطورة على المجتمع من مثل هذه الحوارات هي ما يقدم من تنازلات.
ولفت أبو زيد إلى خطورة الضغوط التي تمارسها بعض الجهات على الدعاة ومواجهي التنصير لمنعهم من المواجهة فعلى سبيل المثال ورد إلي أن أحد الأفاضل طلب من المسئولين في إحدى القنوات الفضائية الدينية أن يخصصوا حلقة للحديث حول دعوى "ظهور العذراء" فرفضوا إذ تمارس على القناة ضغوط وبالتالي فإن حل ذلك يتمثل في المخلصين ممن لديهم أموال إذ يجب أن يتم إنشاء قناة إعلامية تبث من على قمر غير مصري حتى ترفع الحرج عن المؤسسة الرسمية تكون وظيفتها الدفع ودعوة المسلمين ولا تبدأ النصارى بالمناقشة أو المجادلة فمن يتتبع كتابات علماء المسلمين يجد أنهم لم يبدأوا النصارى ولكنهم كانوا يردوا على أقوالهم فـ "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" لابن تيمية كان ردا على رسالة وصلته وكتاب الإمام القرافي المالكي "الأجوبة الفاخرة على الأسئلة الفاجرة" كان ردا كذلك وهكذا يكفينا عرض الإسلام دون التعرض لأحد فنحن لسنا دعاة فتنة أو تحريض.
وأكد أبو زيد أن على العلماء ألا يلزموا الصمت فهذه ليست وظيفة العلماء وإنما وظيفتهم كما قال تعالى: "وإذ أخذ الله ميثاق الذين أتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه" فهذا هو ميثاق العلم والدين وإن كان سيصيبهم في هذا أذي فهذا بلائهم واختبارهم فالمرء يبتلى على قدر دينه والله خيرا حافظا.
وأوضح أبو زيد أنه ومع ضعف العلم الشرعي الذي عليه المسلمين إضافة إلى ما يحاوله الإعلام لاسترضاء مفتعل للنصارى مستغلا ما ورد في النصوص الشرعية من تكريم وتشريف للمسيح عليه السلام وأمه الصديقة رضي الله عنها - وهذا حق لا مرية فيه - يجد التنصير له مدخلا فضلا عن استغلالهم لحالة الفقر والعوز التي يعاني منها المسلمون ولذلك فإن الدور الاجتماعي لا يقل أهمية في مثل هذه الظروف عن الدور التعليمي والدعوي.
يضاف إلى ذلك قلة ثقافة أئمة المساجد في هذا الموضوع إذ ينبغي أن يكون لديهم علم حتى إذا وقعت لمسلم عادي شبهة في هذا الباب وذهب ليسألهم يجد عندهم الجواب الشافي الوافي وأخيرا احتفال المسلمين بأعيادهم من مثل تعظيمهم بابا نويل وما شاكل ذلك.
ويرى أبو زيد أن نشر العلم الشرعي هو سبيل الوقاية من جميع الشرور سواء كان تنصير أم تطرف أم تحرش أو غير ذلك...."إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم".
وأضاف أن العمل الاجتماعي وكفالة أولئك المعوزين والدعوة لإنقاذ ذلك الشباب الذي يهدر عمره فيما لا طائل تحته من جلوس على المقاهي إلى النت إلى غير ذلك من أمور لا تعود عليه بنفع.فضلا عن الإسلام على غير المسلمين كما قال تعالي :"بالحكمة والموعظة الحسنة" فهذا من شأنه إن لم ينتفع به المدعو فيدخل في دين الله أن يكف شره عن الداعي فيخنس صاحب الشبهة.
وكذلك مواجهة هؤلاء المتربصيين من تنظيمات التمويل الخارجي المسماة بالمنظمات القبطية فحقيقة الأمر أن هؤلاء يبحثون عن مصائب للأقباط حتى يقيموا المأتم لأنه إن لم يكن هناك فرح وراقصة فليس هناك نقوط. فلا بد من البحث عن مشكلة حتى تظل هناك حالة من الإثارة وحالة من الهياج ويظلوا هم المدافعين عن الحقوق.
إستراتيجية المواجهة
أما الأستاذ خالد حربي المتخصص في شئون التنصير
فيقول إن التنصر أصبح موضة العصر ولعله من الملاحظ ذلك الاصطفاف العلماني الليبرالي تحت الراية الصليبية التي يرفعها الأعداء في الداخل والخارج بل إنه ليس اصطفافا وحسب ولكنه تبادل للأدوار فالتنصير تخطى مرحلة (أكل عيش واسترزاق لبعض الكنائس) إلى مرحلة إعلان هوية واصطفاف تحت راية صليبية في حرب ضروس ضد الإسلام يتكون جناحها الفكري من ثالوث الجهل والإباحية والتنصير.
وأضاف حربي أن التنصير قديما كان مجهود فردي من بعض النصارى بدافع التعصب الديني أما الآن فأصبح أحد أهم الأجنحة المقاتلة في الحرب العلمية ضد الإسلام.. ولا شك أن العقيدة القتالية لأي جيش مقاتل هي التي تحدد مقدار ثباته وصموده وفرصه في النصر وراية الحرب الصليبية التي رفعتها أمريكا وأعوانها في الغرب أحد أهم أهدافها هي كسر العقيدة القتالية للمسلمين بهدف كسرهم في المعركة الدائرة فهل يمكن لمسلم أن يضحى بنفسه وهو يشك في عصمة القرآن أو في نبوءة الرسول مثلا؟ ..بالطبع لا..لذلك ارتكز الغرب الصليبي بطبيعته على إثارة الشبهات حول الإسلام وتقديم النصرانية- عقيدة العدو- كبديل عن الإسلام وهذا ما نسيمه التنصير وهو خطة دولية تلبي احتياجات أمريكا العدو المسلح المباشر وأوروبا المهددة ديمغراجفيا بالإسلام وإسرائيل التي تخوض معركتها بالأساس مع معتقد مليار مسلم حول الأقصى وأخيرا الأقليات النصرانية المهددة بالانقراض في العالم الإسلامي.
وأوضح حربي أن دعاوي الحوار تمثل مصادرة خبيثة على رد الفعل المطلوب ولك أن تتخيل عندما خرج بندكت الفاتيكان يسب الرسول والإسلام ما هو رد الفعل الطبيعي؟..لم تر رد فعل طبيعي سوى على بعض مواقع الانترنت لكونها خارج الرقابة لكن ردود الفعل الرسمية تركزت حول الدعوة للحوار! وهي الدعوة التي تقطع على أهل الإسلام طريق المواجهة الفكرية مع من يتطاول على الإسلام.
وقال حربي "أذكر إني كنت أتحدث مع أحد أصحاب القنوات الفضائية في كيفية الرد على الافتراءات التي يثرها النصارى على الإسلام وتطرقت إلى أهمية إيضاح الفرق بين الإسلام كديانة تملك المعيار الحضاري لقيادة البشرية وبين النصرانية باعتبارها تمثل محاولة لتغيب العقل والجهد البشري المثمر في هذا العالم وبالتالي لا تصلح للمقارنة الحضارية مع الإسلام ففوجئت بالرجل ينتفض ويرفض هذه المقارنة باعتبارها خطر أمني أو بتعبير أخر مثيرة للفتنة الطائفية".
وأوضح حربي أن إحجام المؤسسات الرسمية عن مواجهة التنصير ليس مشكلة لنا فالإسلام ديننا ودين آبائنا وأبنائنا وبالتالي نحن المطالبون بالدفاع عنه ولو قام كل مسلم بسد الثغرة التي يقوم عليها فسوف نكون صفا كالبنيان المرصوص الذي لا يستطيع أحد اختراقه.
وأشار حربي إلى أن المال والشهوات كانا أكبر سببين للتنصر قديما أما الآن وبعدما ارتكز التنصير على مؤسسات وأجهزة استخبارات دولية ومجموعات ضغط والية إعلامية رهيبة أضيف إليهما عامل الشبهات وهو نتيجة طبيعية لسياسية تجهيل المسلمين بدينهم التي تبنتها الدول الإسلامية لفترة طويلة بينما حصرت المؤسسات الإسلامية خطابها في دائرة نخبوية محدودة..والآن وبعد القنوات الفضائية والسماوات المفتوحة المشكلة زادت تعقيدا فبينما أصبح صوت المنصريين يصل للقرى والنجوع ويتحدثون في دقائق الإسلام لا تزال غالبية الفضائيات ووسائل الإعلام حبيسة أحاديث الرقائق والدار الآخرة والخطاب السطحي وإذا جاء ذكر الآخر لن تجد سوى الدعوة للحوار التي فسرها المنصرون على أنها علامة ضعف وراحوا يعايرون بها المسلمين.
ويرى حربي أن النشاط التنصيري له ثلاثة أركان:
الركن العلمي: وهو الذي يتناول بث الشبهات والتشكيك في الإسلام وهذا يحتاج لجهد علمي جماعي وليس فردي وهو دور العلماء وأهل الفكر.
والركن الإعلامي: وهو الذي يسوق لهذا الضلال بشقيه الطاعن في الإسلام والداعي للنصرانية وهم يستخدمون قاعدة يهودية في الدعاية تقول (كذبة في إطار من ذهب) وقد وصفها ربنا تبارك وتعالى بقوله: {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} وهنا يأتي دور الإعلام الإسلامي وهو كثير ومنتشر لكنه للأسف لا يتبني هذه القضية خوفا أو جهلا .
أما الركن الثالث: فهو العمل الميداني الذي يعتمد على رصيد مالي ضخم مخصص من قبل الكنائس وأجهزة الاستخبارات المعادية وتبرعات متعصبي النصارى وهذا يضمن لهم فتح مجالات واسعة للحركة والاحتكاك بالمسلمين في أكثر من مجال.. فالكنيسة الإنجيلية مثلا أقامت مدينة رياضية في مدينة 6 أكتوبر كلفت 25مليون جنيها ولك أن تتصور هذه المدينة الرياضة كم سيدخلها من المسلمين وكيف ستستغل الكنيسة تواجدهم؟!
واختتم حربي كلامه بقوله: "للأسف هناك متفرغون في كل كنيسة لتنصير المسلمين بينما المتصدين للتنصير كلهم متطوعون يعني عليهم التغلب على إشكاليات الحياة ومتطلباتها ثم التصدي لجحافل ممولة ومدعمة ومتخصصة ورغم كل المصائب التي يراها الناس من المنصريين إلا أنهم لم ينتبهوا لضرورة تدعيم العمل المقاوم لهذه الظاهرة.. لهذا فإنه لابد من تحديد إستراتيجية خاصة بكل قطر ودراسة مواطن القوة وأسباب الضعف. نحن نحتاج إلى نهضة قائمة على دارسة وعلم وتقدير صحيح.

التنصير العسكري

أما الأستاذ خالد المصري الكاتب المتخصص في شئون النصارى
فيقول إن التنصير نشط في العالم العربي والإسلامي بدرجة لا يتصورها عقل في العشر السنوات الأخيرة إذ ارتبط باحتلال أمريكا للعراق وأفغانستان حيث رافق جيش الاحتلال جيش آخر من المنصرين تعدى الـ 13 ألف منصر في العراق و الـ9 آلاف منصر في أفغانستان كما ارتبط التنصير بحرب دارفور في السودان بين الشمال والجنوب وارتبط بتسونامي الكارثة التي حدثت في شرق أسيا تحت مظلة المساعدات الاجتماعية والطبية.. كذلك فقد زادت في العشر سنوات الأخيرة ميزانيات التنصير من الفاتيكان ومن مجلس الكنائس العالمي ومن منظمة كاريتاس لأكثر من سبع أضعاف ميزانية التسعينات..أما في مصر فقد أصبح التنصير في العلن وتحت السمع والبصر من كل الكنائس بجميع طوائفها فقد أعلن أكثر من كاهن يتبع الكنيسة المصرية مثل القمص الهارب مرقس عزيز أن التنصير حق مكفول لابد أن يمارسه كل كاهن مصري بل تطور الأمر للدرجة التي جعلت الكنيسة المصرية لا تخشى السلطات ولا تخشى مشاعر المسلمين وتعلن ذلك على الملأ.
وأضاف المصري أنه لا توجد - للأسف - جهات لا رسمية ولا أهلية في العالم تتصدى للتنصير وإنما من يقف على هذا الثغر بعض الشيوخ وطلاب العلم المهتمين بالأديان وهم معدودين ومعروفين في الوطن العربي بالاسم.
وأوضح المصري أن من يقع في التنصير هم كثر ولكن أشهرهم:

* شاب مريض يرغب في السفر للغرب.
* شاب غررت به فتاة نصرانية وهو أسلوب تتبعه الكنيسة.
* رجل فقير ولا يجد مسلم يمد له يده بالمساعدة ويجد الكنيسة تغدق عليه بالمال.
* فتاة سمعت كلام معسول من شاب نصراني وأخبرها أن السبيل للزواج هو التنصر.
* شخص مسلم نصب عليه شخص مسلم آخر كان في نظره قدوة ومثل أعلى في الإسلام ولما وجد منه النصب والاحتيال كره الإسلام كله بسببه.
ويرى المصري أن سبل مواجهة هذا النشاط تتمثل في الآتي:
أولاً: إنشاء قناة إسلامية واحدة فقط يكون هدفها هو مقاومة التنصير - للأسف كانت توجد قناة الأمة ولكنها أغلقت في الوقت الذي تتواجد فيه 40 قناة تنصيرية موجهة فقط للمسلمين و120 محطة إذاعية تنصيرية موجهة للمسلمين بكل لغات الدنيا وهي لا تبشر بالنصرانية بقدر ما تشكك في الإسلام وتحط من قدر النبي صلى الله عليه وسلم في حين لا يوجد برنامج واحد في قناة واحدة تقاوم التنصير على الرغم من وجود مئات القنوات التي يملكها مسلمون ولكنها لا تهتم إلا بالأغاني والأفلام وسفاسف الأمور ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ثانياً: تبني مؤسسات رسمية أو حتى غير رسمية يملكها مسلمون شرفاء نجباء لديهم الغيرة على هذا الدين لموضوع مقاومة التنصير من خلال نشر دوريات بصفة مستمرة لتوعية الناس بخطر التنصير ومن خلال زرع الأخلاق الإسلامية العظيمة في قلوب الشباب ومن خلال إيجاد وسيلة فعالة للرد على كل افتراءات المنصرين التي يطلقونها ضد الإسلام وضد أشرف خلق الله صلى الله عليه وسلم وهذا يحتاج من هؤلاء الرجال الشرفاء أن يبذلوا أموالهم في سبيل الدعوة لدين الله تبارك وتعالى من ناحية ومقاومة التنصير من ناحية أخرى.
ثالثا: عمل دورات تثقيفية للشباب من الجنسين بهدف تعريفهم بحقيقة التنصير وخطورته وكيفية مواجهته وهذا بدأ بالفعل منذ فترة في مصر من خلال الأكاديمية الإسلامية لعلوم مقارنة الأديان الذي أشرف بأن أكون واحدا من المحاضرين فيها ويشرف عليه مجموعة من الباحثين المتميزين وهي قادرة على إيجاد أجيال من الشباب قادر على الرد على أي افتراء يثار حول الإسلام وقادر بفضل الله على مناقشة أعلم علماء النصارى في دينهم بالحجة والبرهان.
الشبهات المتهافتة
أما الأستاذ محمد عبد العزيز الهواري
الباحث المتخصص في الفرق والأديان والمسئول عن زاوية التنصير بمجلة البيان السعودية فيقول

إن المتأمل في واقع أمتنا والمراقب عن كثب للنشاط التنصيري يستطيع أن يؤكد أنه وصل لذروته في هذه الأيام فبالأمس كان منتهى طموح الكنائس في العالم العربي هو الحفاظ على رعاياها من تسرب أفرادها للإسلام رغم تقصير المسلمين في واجب دعوتهم بل مع قلة علم المسلمين أنفسهم بأمور دينهم وقلة الوعي الديني في العالم الإسلامي بصفة عامة حيث كان حكرًا على من انتسب إلى المؤسسات الدينية كالأزهر مثلا في مصر.
وأضاف الأستاذ الهواري أنه وفي الوقت الذي انحسر فيه دور المؤسسات الدينية الرسمية عن القيام بدورها في هذا المناخ وجد التنصير الفرصة مناسبة للعمل ليمطروا المسلمين بوابل من الشبهات المتهافتة التي لا تجد للأسف من يردها ويزيل عن الأمة جهلها ومع وقوع ضعيفي النفوس تحت نير التنصير من خلال هذه الشبهات تارة واستغلال فقر البعض ووقوعهم تحت إغراء المال تارة أو بعض من ترنو نفسه لأن تسلط عليه الأضواء تارة أخرى.
وأكد الأستاذ الهواري أن هناك عدة عوامل ساعدت القائمين على النشاط التنصيري ومنها:
1- ضعف الأنظمة العربية وترهلها وخضوعها الكامل للغرب الذي تحركه المنظمات التنصيرية وسكوت هذه الأنظمة عما يحدث في الداخل خشية الضغط الخارجي من الدول الغربية.
2- استغلال حالة الاحتقان التي أصيب بها الشارع الإسلامي من تعالي أصوات الكنيسة وخضوع الأنظمة لها بشكل مجحف أدى لردة فعل تتمثل في بعض الصدامات الطائفية التي استغلها هؤلاء المنصرين للترويج لقضية الاضطهاد الديني.
3- استغلال الواقع السياسي في بعض الدول مثل الضغط بورقة أقباط المهجر للترويج لفكرة الاضطهاد الديني في مصر.
وأوضح الأستاذ الهواري أنه وفي ظل غيبة المؤسسات الرسمية فإن هناك مؤسسات بديلة يعول عليها مهمة القيام بمواجهة التنصير ومنها:
1- الفضائيات الإسلامية إذ لابد أن يكون لها دور في هذه المواجهة فهي تصل للكثير من بيوت المسلمين المعرضين لحملات التنصير.
2- الدعاة المتصدرين للدعوة والذين يشار لهم بالبنان ويأتمر بكلامهم جموع المسلمين.
3- المنظمات والجمعيات والجماعات الإسلامية القائمة على الدعوة إلى الله فهذه في استطاعتها التصدي للمنصرين.
4- وأخيرًا يأتي دور كل مسلم غيور على دينه وقد يستغرب البعض إذا قلت إن القائم بالدور الأكبر في مواجهة التنصير ليس الفضائيات الإسلامية ولا الدعاة أو المنظمات والجمعيات والجماعات الإسلامية بل هم قلة من الشباب الغيور على دينه نفروا للدفاع عن الدين الحق والحبيب المصطفى – صلى الله عليه وسلم- وبحمد الله يحققون الكثير من النجاحات والتي تعد من قبيل الكرامات التي يجريها الله على أيديهم لما يراه الله من إخلاصهم وبذلهم لدين الإسلام.
وأشار الأستاذ الهواري إلى أن من أهم أسباب وقوع بعض المسلمين في براثن التنصير هي:
1- استغلال الفقر والمرض والعِوَذ ولك أن تزور المستشفيات التي يزورها هؤلاء المنصرين ويقدموا فيها الهدايا باسم يسوع ولك أن تزور منطقة مثل الكيلو4 في مصر وتسأل أهلها عن زيارة رجال الكنيسة لهم وإغرائهم بالمال من أجل تنصيرهم.
2- ضعف العلم الشرعي لدى عموم هذه الأمة.
3- رغبة بعض ضعيفي النفوس في الشهرة وتسليط الأضواء ولفت الأنظار.
4- الهجرة وترحيب الغرب النصراني بهؤلاء المتنصرين وتوفير الملاذ والمأوى والمال لهم في الوقت الذي أصبح فيه الإسلام مرادفًا للإرهاب ويشار فيه إلى المسلم العربي في هذه البلاد بأصابع الاتهام والشك والريبة لمجرد أنه مسلم.
وحول كيفية وسبل المواجهة قال الهواري إن أهمها هو نشر الوعي بين المسلمين بضرورة مواجهة هذه الحملة الضارية على الإسلام وأهله وذلك مع التحلي بالحكمة في هذه المواجهة فالإسلام لا يرغم أحدًا على الدخول فيه وفي نفس الوقت ليس معنى تسامح الإسلام هو التهاون في الدفاع عنه ونصرته.

**************** الحوار من موقع رسالة الإسلام *************

فضائيات التنصير.. شيطان في كل بيت رسالة الإسلام - أسامة الهتيمي

أسامة الهتيمي 2010-01-27

على الرغم من الجهد الكبير الذي بذلته وما زالت تبذله الكنائس والمؤسسات التنصيرية طيلة العقود الماضية من أجل تحقيق هدفها الرامي إلى اقتلاع أكبر عدد ممكن من المسلمين وإدخالهم في العقيدة النصرانية إلا أن هذه المؤسسات بمختلف أشكالها ظلت مرتبطة في أذهان المسلمين بالاستعمار الذي سلبهم حريتهم واحتل أرضهم وأذاقهم الويلات فما كانت كل هذه الجهود التنصيرية لديهم إلا وسيلة من وسائل إحكام السيطرة وفرض الهيمنة وهو ما أوجد حاجزا كبيرا بين هذه الشعوب وبين هؤلاء المنصرين فكانت نتائج أعمالهم مع كل ما كلفت من أموال ضئيلة لا ترقى إلى ما كانوا يحلمون به ويتمنون.

وكعادتهم فإن هؤلاء المنصرين لم يكلوا ولم يملوا من البحث عن وسائل جديدة تقفز فوق هذه الحواجز المانعة من الوصول إلى نفوس وقلوب أبناء الشعوب العربية والإسلامية التي لم تقع أسيرة لكل المساعدات المالية والصحية والتعليمية التي قدموها لهم رغم فقرهم وعوزهم وحاجتهم لها حتى كانت هذه الثورة الإعلامية الهائلة التي كانت في نظر هؤلاء فتحا جديدا ربما يعوضهم ما فاتهم ويمنحهم ما يستيطيعون به اختراق النفوس والتأثير عليها.

الاهتمام بالإعلام

يعود اهتمام المؤسسات التنصيرية (حوالي ربع مليون مؤسسة) بالإعلام إلى زمن بعيد حيث حرصت ومنذ بدء نشاطها في المنطقة العربية والإسلامية على إصدار الكتب والمطبوعات والمنشورات إلى جانب الأنشطة التقليدية التي تمثلت في الخدمات الطبية عبر المستشفيات والمستوصفات والخدمات التعليمية من خلال المدارس والمعاهد والجامعات والبعثات العلمية فضلا عن الإغاثية حيث كانوا يقومون بتقديم الكثير من المساعدات الغذائية والحياتية لقطاعات كبيرة كانت تعاني من الفقر المدقع.

لكن هذا النشاط الإعلامي الذي كان يقوم به المنصرون لم يحقق المراد حيث كانت الشريحة المستهدفة منه هي الشريحة المتعلمة والمثقفة وهي شريحة في غالبيتها قد أوتيت حظا من العلم والمعرفة ووعي بالعقيدة الإسلامية وتعاليم الدين الحنيف وهو ما كان مانعا لها من الوقوع في فخ التنصير الذي يحاول القائمون عليه أن يستغلوا الجهل بالدين كدعامة أساسية في أعمالهم.

لذلك ومع التطور الإعلامي الهائل سارعت المؤسسات الكنسية التنصيرية إلى بحث ودراسة كيفية استغلال هذا التطور للتخديم على أهدافها فعقدت خلال الثلاثين عاما الماضية عشرات المؤتمرات الإعلامية التي ضمت صحفيين وخبراء إعلام وأساقفة من كل أنحاء العالم حيث تبادلوا فيما بينهم أفضل هذه الوسائل وأقواها والتي يمكن بها توسيع مجال عملهم التنصيري.

الإذاعة والإنترنت

حرصت المؤسسات التنصيرية على أن تتواجد وبشكل مكثف عبر كل الوسائل الإعلامية فلم تتوانى عن إنشاء الإذاعات المحلية والدولية في محاولة لمخاطبة الشعوب والجماهير العريضة بلغاتها المحلية وهو ما ساهم بشكل كبير في إيجاد قنوات لتواصل البعض من منحرفي النفوس وضعاف الإيمان مع هؤلاء المنصرين وهو ما دفع هذه المؤسسات إلى إنشاء المئات بل الآلاف من هذه الإذاعات التنصيرية التي تبث برامجها من وإلى مختلف القارات والدول.

ولتحقيق ذلك فقد أنشأت المؤسسات النصصيرية العديد من الهيئات والمنظمات الإعلامية الإذاعية للمساهمة بشكل او بآخر في إنشاء هذه الإذاعات ومن بين هذه الهيئات الرابطة الكاثوليكية للراديو والتلفزيون في سويسرا والتي تبث وحدها نحو مائة إذاعة تنصيرية والاتحاد العالمي للاتصالات المسيحية في لندن والرابطة الدولية للإذاعيين المسيحيين في الولايات المتحدة الأمريكية وجمعية التنصير العالمي بالراديو في أمريكا أيضا والهيئة التنصيرية العالمية في هونج كونج والاتحاد الفلبيني للإذاعيين الكاثوليك بتايلاند.

ولم تكتف المؤسسات التنصيرية بذلك بل إنها وبمجرد أن اتسع نطاق استخدام الشبكة الدولية للمعلومات "الإنترنت" سارعت أيضا هذه المؤسسات التنصيرية (التي تمتلك نحو 100 مليون جهاز كمبيوتر تتبع 25 شبكة إلكترونية موزعة على الكنائس الكبرى في العالم) إلى استخدامها فأنشئت المواقع والصحف الإلكترونية وغرف المحادثات التي تخدم فكرة التنصير وتدعو إليها بالإضافة إلى قيام نشطاء التنصير بإنشاء المدونات الخاصة التي بلغ عددها عشرات الآلاف تسعى جميعها إلى الإيقاع بمستخدمي الشبكة العنبكوتية في براثن التنصير.

واستخدم التنصيريون عبر الإنترنت كل الوسائل المتاحة لديهم لتحقيق بعض النجاحات لأهدافهم المقيتة فعملوا على إغراء العديد من الشباب بالسفر والهجرة إلى أمريكا والدول الغربية تارة وبالزواج والارتباط بفتيات جميلات تارة أخرى فضلا عن منح العديد من المستجيبين منهم لدعوتهم مبالغ مالية لانتشالهم من الفقر والحاجة وغير ذلك مما يعد وسائل رخيصة تؤكد دناءة الدعوة والداعين لها.

ويؤكد الباحث السعودي تركي بن خالد الظفيري أن النشاط التنصيري الكبير على شبكة الإنترنت أثمر آلاف المواقع التنصيرية التي تفوق عدد المواقع الإسلامية بعشرات المرات فالإحصائيات تؤكد أن عدد المواقع التنصيرية تزيد عن المواقع الإسلامية بمعدل 1200% وأن المنظمات المسيحية هي صاحبة اليد العيا في الإنترنت حيث تحتل 62% من المواقع وبعدها المنظمات اليهودية أما المسلمون فيتساوون مع الهندوس في عدد المواقع والذي لا يزيد عن 9% من مواقع الشبكة.

فيما أجرت باحثة سعودية "إنعام محمد العقيل" دراسة أخرى في جامعة الملك سعود عن المواقع التنصيرية على شبكة الإنترنت وقسمتها إلى ثلاثة مواقع :

1. المواقع التي تدعو للنصرانية وذكرت منها 36 موقعا عربيا وأجنبيا.

2. المواقع التي تطعن في الإسلام وتدعو للنصرانية وذكرت منها 21 موقعا عربيا وأجنبيا.

3. المواقع التي تدعم نشر الكتاب المقدس وقراءته وذكرت 8 مواقع.

فضائيات التنصير

لا يستطيع أحد أن يشكك في أن القنوات الفضائية والتلفزيون بشكل عام يعتبر من أخطر الوسائل الإعلامية أثرا ذلك لأنه يجمع بين "الرؤية والصوت والحركة" مما يجذب الانتباه ويثير الحواس أكثر من غيره وهو ما كان الدافع الرئيسي وراء أن تحرص المؤسسات التنصيرية على أن تستغل القدرة على بث قنوات فضائية بلغات مختلفة والاستفادة من ذلك في إيصال رسالتهم الدينية المزعومة وهو ما يفسر وجود نحو 500 قناة فضائية وأرضية تنصيرية جديدة والتي من المتوقع أن تصل إلى نحو 1000 قناة بحلول عام 2025م بعد أن لاحظ هؤلاء مدى الانتشار السريع لهذه القنوات وتزايد أعداد المستمعين لها.

فقد أشارت الإحصائيات إلى أن المستمعين للمحطات التنصيرية بلغوا عام 1970م نحو مائة وخمسون مليون مستمع حيث كان عدد ساعات البث وقتها 25 مليون ساعة فيما بلغ عدد المستمعين لهذه المحطات عام 2001م نحو 619 مليون حيث بلغت ساعات البث 172 مليون ساعة في حين أنه من المتوقع أن يصل عدد هؤلاء المستمعين إلى 1300 مليون مستمع عام 2025م حيث ستصل عدد ساعات البث إلى 425 مليون ساعة.

التنصير بالعربي

على الرغم من أن المنصرين يهدفون في حقيقة الأمر إلى نشر العقيدة النصرانية في أنحاء المعمورة كلها إلا أن حلمهم الأكبر يظل هو تنصير المنطقة العربية والإسلامية إذ أنهم يعتقدون في قرارة أنفسهم أن الإسلام هو الدين الوحيد القادر على مقاومة الأبعاد الحقيقية لهذا التنصير والتي تستهدف بالأساس تسييد الرجل الأبيض واستعباد ما سواه وهي المقدمة الأولى لاستمرار استغلال ثروات وخيرات دول العالم النامي.

وانطلاقا من هذا فقد عملت المؤسسات التنصيرية ومنذ اللحظة الأولى لبدء التوسع في البث الفضائي عام 1991م على أن يكون لها قنواتها الفضائية الناطقة باللغة العربية والتي بلغت حتى العام الجاري 2009م نحو عشرة قنوات فضائية تتمحور برامجها جميعا حول الدعوة إلى النصرانية والتشكيك في الإسلام.

وتعد قنوات (سات 7 والحياة ونور سات ومعجزة والروح والمحبة والكرامة والشفاء) أهم القنوات التنصيرية الناطقة باللغة العربية حيث حققت لها وجود فعلي في أوساط الجماهير العربية المسلمة بل أضحت بعض برامجها برامج جماهيرية تحرص بعض القطاعات على متابعتها والتفاعل معها إما من باب الرغبة والفضول في التعرف على ما يردده التنصيريون أو وقوعا في فخ وشرك دعاوى هؤلاء.

وبطبيعة الحال فإن القنوات التنصيرية العربية تختلف نسبيا فيما بينها في الجرأة على الإعلان عن أهدافها الحقيقية حيث يتحدد هذا بناء على الجهة والمكان الذي تبث منه القناة غير أنها جميعا تتفق على أن رسالتها السامية هي نشر ما يسمى برسالة المسيح إلى كل العرب وهو العنوان العام الذي يعني ببساطة شديدة الدعوة إلى العقيدة النصرانية.

بانوراما فضائية

على الرغم من أن ظاهر أهداف هذه القنوات ينبأ عن أن رغبة ملحة تسيطر على المنصرين في تحويل العالم العربي والإسلامي إلى عالم نصراني إلا أن النظر والتأمل في طبيعة ظروف تأسيس ومنطلقات هذه القنوات ليلحظ سريعا أن ثمة تناقضات تسود العلاقة بين هذه القنوات إذ أن كل قناة من هذه القنوات تعبر عن توجه نصراني خاص ربما يختلف كليا أو جزئيا عن التوجه الآخر وهو ما يمنح المسلمين الفرصة في إمكانية المواجهة والرد.

فقناة المحبة (أجابي) والتي بدأت بثها في 14/11/2005 م يقوم عليها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر ويمولها رجال أعمال أقباط داخل مصر وفي المهجر تعلن أن من أهدافها نشر الوعي المسيحي عن طريق تقديم الرعاية الروحية والرعوية للأقباط في مصر والخارج وتكوين صلات ربط ووصل بين الأقباط في مصر والعالم فضلا عن نشر التراث القبطي للكنيسة من تاريخ ولغة وفنون وهو التراث الذي يختلف اختلافا كبيرا مع كنيسة روما.

وتأتي قناة الكرمة التي بدأت بثها من أمريكا منتصف أكتوبر 2005م وموجهة أيضا للعرب في أمريكا وكندا والمكسيك معبرة عن المنهج العقيدي الذي يتبناه مالكها وهو صمويل إستيفانوس رجل الأعمال المصري الأصل الذي هاجر إلى أمريكا.

وهو نفس المنهج الخاص بقناة الشفاء التي بدأ بثها في يناير عام 2005 إذ هي تعبر عن التوجه العقدي لملاكها وهم القس دبني حن الذي ولد في فلسطين من أم لبنانية وأب يوناني الأصل وشبكة تلفزيون TBN الذس أسسها الدكتور بول كراوتش مع زوجته "جات".

أما قناة سات 7 والتي بدأت بثها عام 1996م من قبرص باللغة العربية إلى البلاد العربية وبالفارسية لإيران وبالتركية لتركيا فقد اشترك في تأسيسها 25 مؤسسة وكنيسة نصرانية من البلاد العربية وأوروبا وأمريكا ومن أهدافها مؤازرة الفئات النصرانية المشتتة وتثبيتها في إيمانها وشهاداتها للمسيح وإتاحة الفرصة لمشاهديها لسماع الرسالة النصرانية بلغتهم المحلية .

فيما تعلن قناة الحياة (وضيفها الدائم زكريا بطرس) صراحة عن أن هدفها الأساسي هو مهاجمة الإسلام والتشكيك ودعوة المسلمين إلى النصرانية وترك الإسلام وهي الأهداف التي حرصت القناة على تحقيقها منذ بدأت بثها من قبرص في الخامس عشر من سبتمبر عام 2005م.

كما ترفع قناة نور سات وهي قناة مارونية بدأت بثها الأرضي من لبنان عام 1991م والفضائي عام 2003م ويشرف عليها مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان شعار "الوطن لبنان" وهي كما هو واضح من شعارها تستهدف بالأساس المجتمع اللبناني واللبنانيين المقيمين خارج لبنان.

وأخيرا تأتي قناة معجزة التي تبث من النرويج على مدار 12 ساعة وهي موجهة للبلاد العربية والشرق الاوسط وأوربا فهي تعتمد في دعوتها للتنصير على إظهار معجزات المسيح بهدف التأثير النفسي والعاطفي على الشرائح المستهدفة.