الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

أهم الكتب الأصولية المؤلفة في المذاهب الأربعة3

المبحث الثالث: أهم كتب الأصول في المذهب المالكي: ويشتمل على مقدمة، ومطلبين، وخاتمة. المقدمة: وفيها إعطاء لمحة عن نشأة أصول الفقه في المذهب المالكي. المطلب الأول: الكتب المصنفة في أصول المالكية، مع ذكر بياناتها. المطلب الثاني: دراسة لبعض هذه الكتب بشيء من التفصيل. خاتمة: عبارة عن نتائج استفيدت من العرض. تمهيد: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن المدرسة الفقهية المالكية على جلالتها في الفقه، لم تخلف الكثير من كتب الأصول، ولم يكن الاعتناء بكتب الأصول فيها إلا في مرحلة متأخرة، ويبدو أن انتشار المذهب المالكي في بعض المناطق دون بعض، واعتمادَ المالكية على النقل دون العقل، أسهم إسهاماً كبيراً في قلة الإنتاج الأصولي لهذه المدرسة، فقد كان المذهب المالكي هو المذهب الوحيد تقريباً في أفريقيا والأندلس، وهذا أثر سلباً على الكتابة في أصول الفقه، لأن المنافسة انتفت، فالمنافسة تحفز الهمم، وتولد الأفكار، وتنتج الجديد الذي يخدم المذهب، ويبين طريقته في الاستدلال والتقرير، يقول ابن خلدون فيما يتعلق بعلم أصول الفقه من الخلافيات: (وتآليف الحنفية والشافعية فيه أكثر من تآليف المالكية؛ لأن القياس عند الحنفية أصل للكثير من فروع مذهبهم كما عرفت، فهم لذلك أهل النظر والبحث. وأما المالكية فالأثر أكثر معتمدهم وليسوا بأهل نظر؛ وأيضا فأكثرهم أهل المغرب، وهم بادية غفل من الصنائع إلا في الأقل . ولهذا كان المذهب المالكي في العراق يختلف عنه في الأندلس والمغرب، فالتنافس بين المذاهب في العراق كان كبيراً، لذلك فقد ظهرت المصنفات الأصولية هناك، فكتب في الأصول أبو الفرج البغدادي، وابن القصار، والقاضي الباقلاني، وغيرهم. أولاًالمطلب الأول: الكتب المصنفة في أصول المالكية: 1- اللمع في أصول الفقه: لأبي الفرج (ت:330 أو 331هـ). المؤلف: عمر بن محمد بن عبد الله أبي الفرج الليثي البغدادي فقيه مالكي من علماء الأصول. نقل الأصوليون آراءه في مسائل أصول الفقه، في كتبهم، وممن ذكره ونقل عنه: الشوكاني في إرشاد الفحول، وابن حزم في الإحكام، وأبو الوليد الباجي في إحكام الفصول، وغيرهم،وهم كثيرون. 2- مقدّمة في أصول الفقه: لابن القصار، (ت: 398). المؤلف: علي بن عمر بن أحمد، البغدادي، المعروف بابن القصار، كان أصولياً نظاراً. وقد انتشرت آراءه، ونقوله الأصولية، في مراجع أصول الفقه، وممن ينقل عنه أبو الوليد الباجي، في إحكام الفصول، والقرافي في شرح التنقيح، والشوكاني في إرشاد الفحول، وغيرهم . وقد طبعت دار المعلمة للنشر والتوزيع، مقدمة ابن القصار، بتحقيق الدكتور مصطفى مخدوم، ط:1- 1420هـ 1999م. لكن المحقق ذكر أن ابن القصار له مقدمة أخرى، في الأصول، غير هذه التي قام بتحقيقها، وأنه لم يعثر عليها، وهي التي ينقل منها الأصوليون آراء ابن القصار. 3- التقريب، والإرشاد، في أصول الفقه: للباقلاني (ت:403هـ). المؤلف: القاضي الباقلاني، أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر البصري المالكي من كبار علماء الكلام، ومن مؤسسي علم أصول الفقه. ويقال: كل مصنِّف في بغداد، إنما ينقل من كتب الناس، إلا الباقلاني فإن صدره يحوي علمه، وعلم الناس. ومن المعلوم عند أهل المعرفة بعلم أصول الفقه، أن صاحب الترجمة يعد هو والقاضي عبد الجبار المعتزلي رائدي الأصوليين، إذ هما اللذان جمعا شتات علم أصول الفقه، وفكا رموزه، ومهدا سبيله، وشرحا غوامضه، ثم جاء الناس من بعدهما، فتبعوهما، وساروا على نهجهما.
والكتاب مطبوع بتحقيق عبد الحميد أبي زنيد الأستاذ المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وقد ذكره مصطفى الخان بعنوان: االتعريف والإرشاد في ترتيب طرق الاجتهاد. وصنفه ضمن الكتب الأصولية التي ألفت على طريقة المتكلمين، ونقل عن الإمام السبكي قوله: وهو من أجل كتب الأصول، والذي بين أيدينا منه هو المختصر الصغير، ويبلغ أربع مجلدات، ويحكى أن أصله كان في اثني عشر مجلداً ولم نطلع عليه". وقد اعتمد عليه إمام الحرمين كثيراً في كتابه البرهان، واختصره في كتاب التلخيص. 4- التلخيص في أصول الفقه، ويطلق عليه أيضا (الملخص) للقاضي عبد الوهاب، (ت:422هـ). المؤلف: القاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المالكي، ذكره الزركشي ضمن الكتب التي اعتمد عليها في البحر المحيط، وكذلك الإفادة والأجوبة الفاخرة له. 5- إحكام الفصول في أحكام الأصول، للباجي، (ت:474). المؤلف: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي. الكتاب: طبع بتحقيق عبد المجيد تركي، في مجلدين. بدار الغرب. (ط:2- 1415هـ _ 1995م). وسيأتي الحديث عنه. وله: المنهاج في ترتيب الحجاج، طبع في دار الغرب بتحقيق عبد المجيد تركي، أيضاً. وله: الحدود في الأصول، طبع بتحقيق الدكتور نزيه حماد، مؤسسة الزعبي للطباعة والنشر. بيروت لبنان. ط:1- 1392هـ - 1973م. وله الإشارة في أصول المالكية، طبع عدة طبعات، منها: طبعة دار البشائر الإسلامية، بتحقيق محمد علي فركوس، تحت عنوان: الإشارة في معرفة الأصول والوجازة في معنى الدليل. 6- كتاب الأصول، لأبي بكر الأبهري، (ت: 375هـ). المؤلف: محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح، أبو بكر الأبهري التميمي، شيخ المالكية بالعراق، فقيه أصولي، مقرئ. آراؤه الأصولية، مبثوثة في كتب أصول الفقه، منقولة فيها باهتمام . 7- المحصول في علم الأصول، لابن العربي (ت:543هـ) المؤلف: محمد بن عبد الله بن محمد القاضي أبو بكر المعافري، المعروف بابن العربي. الكتاب: طبع بدار البياريق ( الطبعة الأولى: سنة 1420هـ- 1999م.) بعناية حسين علي اليدري، علق على مواضع منه سعيد عبد اللطيف فودة. 9- منتهى السول والأمل في علمي الأصل والجدل، لابن الحاجب (ت: 571). 10- مختصر المنتهى له أيضأ؛ وسيأتي الحديث عنه مفصلاً إن شاء الله. 11- تنقيح الفصول في الأصول وشرحه للقرافي (ت: 684). المؤلف: أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن أبو العباس، شهاب الدين القرافي، وسيأتي الحديث عنه إن شاء الله. 12- نفائس الأصول في شرح المحصول له أيضاً. 14- تقريب الوصول إلى علم الأصول، لابن جزي، (ت:741هـ). المؤلف: أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن جزي، الكلبي، فقيه مالكي، من العلماء بالأصول، واللغة، والحديث، والقراءات. الكتاب: مطبوع، بتحقيق: الشيخ محمد علي فركوس، ط:1- 1410هـ - 1990م. دار الأقصى - مصر. 15- مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول للشريف التلمساني (ت:771). وسيأتي الحديث عنه بشيء من التفصيل. 16- الموافقات في أصول الشريعة، للشاطبي، (ت: 790). المؤلف: إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي، أبو إسحاق الشاطبي. الكتاب: طبع عدة طبعات، بتحقيق عبد الله دراز. وعليه عدة دراسات: أصولية، ومقاصدية، ومصطلحية. فمن بين الدراسات الأصولية: - القوعد الأصولية عند الإمام الشاطبي، من خلال كتابه الموافقات، للأستاذ الجلالي المريني. - منهج الدرس الدلالي عند الإمام الشاطبي، للدكتور عبد الحميد العلمي. ومن بين الدراسات المقاصدية: - نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي، للدكتور أحمد الريسوني. - قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي للدكتور عبد الرحمن الكيلاني. ومن بين الدراسات المصطلحية: - المصطلح الأصولي عند الإمام الشاطبي، للدكتور فريد الأنصاري. هذه تعتبر تقريباً أصول كتب الأصول في المذهب المالكي، وما سوى ذلك فهو شروحات، وتحشية، واختصارات، ونظم، وما أكثرها. المطلب الثاني: دراسة لبعض هذه الكتب بشيء من التفصيل: الكتاب الأول: إحكام الفصول في أحكام الأصول لأبي الوليد الباجي (ت: 474هـ). ترجمة المؤلف: أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي المالكي الأندلسي الباجي؛ كان من علماء الأندلس وحفاظها، سكن شرق الأندلس ورحل إلى المشرق سنة ست وعشرين وأربعمائة أو نحوها،... وبينه وبين أبي محمد ابن حزم المعروف بالظاهري مجالس ومناظرات وفصول يطول شرحه. بيانات الكتاب: الكتاب مطبوع عدة طبعات، متداول، وأهم طبعاته: طبعة دار الغرب الإسلامي _ بيروت. (في مجلدين) بتحقيق الدكتور عبد المجيد تركي، وقد قدم له بمقدمة مفيدة، يتعلق طرف منها بمنهج المؤلف في هذا الكتاب. الطبعة الأولى:(1407هـ_ 1986م) الطبعة الثانية: 1415هـ _ 1995م) غرض المؤلف من تأليف الكتاب: يقول عبد المجيد تركي: "قصد به صاحبه نصرة مذهب الإمام مالك بلا شك، ولكن أيضاً إلى عرض مختلف الآراء الخلافية الرائجة في الأوساط السنية، وحتى غير السنية" . وهذا يظهر من كلام المؤلف في المقدمة حيث يقول: "..أما بعد: فإنك قد سألتني أن أجمع لك كتاباً في أصول الفقه يشتمل على جمل أقوال المالكيين، ويحيط بمشهور مذهبهم، وبما يعزى من ذلك إلى مالك -رحمه الله- وبيان حجة كل طائفة، ونصرة الحق الذي أذهب إليه، وأعول في الاستدلال عليه، مع الإعفاء من التطويل المضجر، والاختصار المجحف. فأجبت سؤالك امتثالا لأمره تعالى بالتبيين للناس، وكشف الشبه والالتباس. طريقة تأليف الكتاب ومضمونه: يقول عبد المجيد تركي في مقدمة تحقيقه لهذا الكتاب: "هذا كتاب في أصول الفقه على الطريقة الجدلية، أو المنهجية التشريعية..." ثم يقول بعد ذلك "فالباجي إن كان متكلماً حاذقاً على طريقة الأشاعرة، فطريقته في (إحكام الفصول) مثلا تبدو لنا أقرب إلى طريقة الفقهاء منها إلى طريقة المتكلمين ... ولا أدل على ذلك من كثرة الأمثلة الفقهية التي يوردها للاستدلال والاحتجاج" . فكأنه يريد أن يقول إن الباجي جمع بين الطريقتين. ثم إن كتاب إحكام الأصول كتاب فقه وأصول فقه معاً. فهو في الحقيقة عبارة عن فصول أحكم المؤِلف تبويبها، ونسجها، وعرضها، فأتى البناء متيناً، والتنسيق محكماً، والعرض واضحاً. فبعد مدخل بين فيه المؤلف الدافع لتأليف الكتاب خصص فصلاً لبياني الحدود التي يحتاج إليها الأصولي المجتهد في معرفة الأصول. ثم انتقل إلى (فصل) آخر في بيان الحروف التي تدور بين المتناظرين، مثل: ما، ومن، وأي، وأم...الخ.. وبعد هذه المقدمات التي نجده ولا شك عند معاصري الباجي، كابن حزم والغزالي، يشرع المؤلف في صلب الكتاب وهو أدلة الشرع. فقسمها إلى ثلاثة أقسام: أصل، ومعقول أصل، واستصحاب حال، فخص الأصل بالقرآن ، والسنة، والإجماع. ثم إذا وصل إلى معقول الأصل استهل فصله بالتذكير بتقسيمه الأصلي، وبما سبق أن عرضه، ثم قسم القسم الثاني (معقول الأصل) إلى أربعة أقسام: لحن الخطاب، وفحوى الخطاب، والاستدلال بالحصر، ومعنى الخطاب، أي ما يعرف بالقياس. وأخيراً يأتي الحديث عن استصحاب الحال ( ثم ختم بالترجيحات). الكتاب الثاني: مختصر منتهى السول والأمل في علمي الأصل والجدل، لابن الحاجب (ت:646هـ). ترجمة المؤلف: الشيخ الإمام جمال الدين أبو عمرو عثمان بن عمر المعروف بابن الحاجب، إمام من أئمة المالكية، ومن كبار علماء أصول الفقه، ومن أذكياء العالم، أثنى عليه الأئمة العظام، والعلماء الأعلام، بما يفضي إلى الإطناب ذكره. الكتاب: منتهى السول والأمل في علمي الأصل والجدل. صنفه أولا، ثم اختصره، وهو المشهور المتداول: (بمختصر المنتهى ) (ومختصر ابن الحاجب). قال فيه : لما رأيت قصور الهمم عن الإكثار، وميلها إلى الإيجاز والاختصار، صنفت مختصرا في أصول الفقه، ثم اختصرته على وجه بديع، وينحصر في: المبادئ، والأدلة السمعية، والاجتهاد، والترجيح. انتهى بيانات الكتاب: الكتاب مطبوع متداول، ومن بين طبعاته طبعة دار ابن حزم لبنان بيروت. (ط 1/ 1426- هـ 2006م). بتحقيق الدكتور نذير حمادو. قيمة الكتاب: قال الإمام سعد الدين التفتزاني: "إن المختصر للشيخ جمال الملة والدين ابن الحاجب _خصه الله بأعلى المراتب_ يجري من كتب الأصول مجرى الغرة من الكمت، بل الدرة من الحصى، والواسطة من العقد" . وقال حاجي خليفة: هو: مختصر غريب في صنعه بديع في فنه لغاية إيجازه يضاهي الألغاز، ولحسن إيراده يحاكي الإعجاز. بعض شروحه: قد اعتكف الناس على هذا الكتاب تدريساً وشرحاً، وتحشية، فشرحه كثيرون وحشاه كثيرون. "وقد ذكر نذير حمادو في مقدمة تحقيقه للكتاب أربع وسبعين (74) شرحاً له، من بينها: شرح الإمام عضد الدين الإيجي، وهو أحسن شروحه: وذكر له أربعة عشر حاشية. وهو مطبوع بحاشية التفتزاني، وغيرها من الحواشي. قال فيه حاجي خليفة "اعتنى بتصنيفه وأفرغه في قالب الكمال، وألبسه حلة الجمال، لا يتم تعاطيه إلا لمن كان له قريحة صحيحة وسليقة سليمة". وقال فيه التفتزاني: "شرح العلامة المحقق: عضد الدين يجري من الشروح مجرى العذب الفرات من البحر الأجاج، بل عين الحياة، لم ير مثله في زبر الأولين، ولم يسمع بما يوازيه أو يدانيه . . . الخ منهج ابن الحاجب في الكتاب: سلك الشيخ ابن الحاجب في مختصره منهجاً لم يحد عنه إلا نادراً. يذكر أولاً المذهب الحق في نظره، وكان غالباً ما يعبر عنه ب "المختار"، ثم يذكر أقوال المخالفين، ثم يذكر أدلة المذهب الذي انتصر له، وغالباً ما يتصدرها ب "لنا" ثم يذكر الاعتراضات الواردة عليها، ... ثم يذكر الأجوبة على الاعتراضات، ... ثم يأتي بأدلة المخالفين واحداً بعد واحد، ... ثم يردها بأسلوب علمي دقيق، ملؤه الأدب من غير تجريح . الكتاب الثالث: تنقيح الفصول في الأصول، للقرافي (ت:684)، المؤلف: شهاب الدين، أبو العباس، أحمد بن إدريس

ليست هناك تعليقات: