الاثنين، 19 يوليو 2010

السنة والشيعة: تقارب مطلوب وممارسات خاطئة

السؤال : السادة العلماء الكرام..
مما تعلمناه من مشايخنا أن ندعو لوحدة المسلمين وأن ننبذ كل أشكال التفرق والتمزق التي يحاول أعداء الإسلام بثها بين جسد الأمة الواحد.. لكننا عبر الواقع نواجه مشاكل عملية في التعامل مع إخواننا الشيعة.. حيث إننا نرى ممارسات غريبة واستفزازية في أكثر من مكان في العالم.. مثل محاولتهم الدائمة تكثيف الشيعة في مناطق السنة وحدث هذا في الثمانينات في بيروت ويتكرر اليوم في بغداد..
وقد زارنا أحد الدعاة المعروفين ونقل لنا حال السنة الأليم في العراق وما يوجهوه من أطماع شيعية ورغبة بالسيطرة على الأمور.. حتى أن لهم تحالفات خاصة مع الأمريكان لينالوا أكبر نسبة في السلطة كما نعرف جميعا.. كل هذه الممارسات تتم في نفس الوقت الذي تتم فيه منتديات الحوار والتقريب بين المذاهب .. وحتى تتضح الصورة ومن اطلاعي على جهود الشيخ العلامة القرضاوي في هذا المجال والتي يقبلها أي مسلم منصف ويعتز بها لأنها توجه الاقتتال للعدو الحقيقي وتذيب الكثير من الخلافات الموجودة أقول كلما اطلعت أكثر على آرائهم وسمعت آراء مشايخهم أتردد وأزداد حيرة.. فهل جهودنا تذهب هباء في حين يستغفلنا إخوتنا الشيعة أم أن هذه آراء شاذة.. ولو كانت شاذة لماذا لا يوقف علمائهم وأئمتهم هذه الممارسات التي فيها تضييق على إخوتهم من السنة حتى نحسم الأمور لصالح الحوار البناء الهادف.. وحقيقة هناك أعداد كثيرة من الإخوة تتساءل معي وتتكرر أسئلتها بتكرر الممارسات المشبوهة على مسمع العلماء والأئمة..
فهلا أجبتمونا شيخنا ونصحتمونا وطمأنتمونا فنحن نحبكم في الله.

المستشار : فهمي هويدي، المفكر الإسلامي

الجواب :
قضية التقريب قضية أساسية لا تعني أن أحدا يتنازل عن مبادئه ولا مواقفه الفكرية، وهناك فرق بين التقريب بين المذاهب والممارسات السياسية التي يتبعها بعض أتباع هذا المذهب أو ذاك.

ولهذا أنا أوافق كثيرا على حيرة الأخ السائل، وأؤيده في قلقه وحيرته بشأن الممارسات السائدة على أرض الواقع، ولكن هذا لا ينبغي أن يقدح في المبدأ الأساسي المتمثل في ضرورة التقريب الذي يعني تعايشًا وتفهمًا واحتشادًا في مواجهة المشكلات التي تواجه الإسلام والمسلمين.

ولهذا أنا أحد الذين انتقدوا المواقف السياسية لمراجع الشيعة في العراق، ولا بد أن أسجل في الوقت ذاته أنه إذا كان من الشيعة من هادن المحتل أو سالمه أو مكن له.. فلا بد أن أسجل أيضا أن هناك من الشيعة من قاوم المحتل ورفض بقاءه وحاول أن يقاومه بشكل أو بآخر كما حدث في العراق أيضا.

ولهذا لا يجب أن نجعل من الخلافات السياسية الطارئة أو نحولها إلى شقوق تمزق جسد الأمة وتقطع أوصالها، لأن الذين يتواطئون ضد الإسلام والمسلمين يتواطئون ضد الجميع بما فيهم السنة والشيعة.. هناك الخلاف بين السلفيين والصوفية مثلا، هذه مشاكل تحدث بين الحين والآخر؛ لكن هذا لا ينبغي أن يخل بالمبدأ الأساسي وهو: ضرورة التلاحم والتوحد والتفاهم والتقارب والتعاون من أجل صد الهجمات التي تستهدف الإسلام والمسلمين.

ينبغي أن ننصح إخواننا الشيعة ونبلغهم وننبههم أن ما يفعلونه في العراق هو خطأ, بقدر ما نحيي موقف الشيعة في لبنان مثلا، ونحيي الثورة الإسلامية في إيران لموقفها الرافض للهيمنة الأمريكية, والمؤيد للقضية الفلسطينية.

لا أريد أن نجعل من موقف سياسي طارئ غمامة تحجب عنا بقية الممارسات الإيجابية التي نقدرها لإخواننا الشيعة، ولا نريد أن نجعل هذه السحابات سبيلا لتقطيع الأوصال ولضرب الموقف الأساسي المتمثل في التعاون والتقريب.

التقريب لا يعني تنويم لأي طرف، ولا يعني تنازل أي طرف عن مبادئه كما قلت، ولكن يعني الفهم المتبادل، والتعاون المتبادل لخير الأمة الإسلامية.. ينبغي أن نسعى إليه جميعا، وخصوصا إذا انتبهنا إلى أن المسلمين السنة هم الأغلبية، والأغلبية هي التي عليها مسئولية النصح والتصويب والتمسك بالأهداف والمقاصد العليا؛ والتقريب بين هذه الأهداف والمقاصد العليا التي أعنيها.

فهمي هويدي - 06/10/2004

المصدر: إسلام أون لاين

ليست هناك تعليقات: