الأربعاء، 6 يناير 2010

قانون الضرائب العقارية وآثاره السيئة

قانون الضرائب العقارية وآثاره السيئة
لاشك أن قانون الضرائب العقارية الجديد خرج على عجل، وكانت له مقاصد قدرها أصحاب المصلحة في إصداره وأبرزها تعزيز قدرة الحكومة من الموارد المالية للإيفاء بمتطلباتها وتحقيق خططها الطموحة ،
ولكن هذا القانون اعتور النقص والعيب من وجوه عديدة مما دعا البعض للطعن فيه بعدم الدستورية
هذا القانون بمثابة جباية وعبء جديد تضيفه الحكومة المصرية على كاهل المواطن البسيط.
قانون غير دستوري
وما أن أعلن وزير المالية يوسف بطرس غالي عن هذا القانون الجديد حتى وجه بالنقد من قبل مجموعة كبيرة من خبراء الضرائب والقانونيين، الذين أكدوا عدم دستوريته بشكله الحالي وبسبب عدم العرض على لجنة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة قبل عرضه على مجلس الشعب وبسبب تأثيره على السوق والمواطن بشكل عام.
بالإضافة إلى أن مصلحة الضرائب العقارية هي التي ستقوم بحصر وتقدير العقارات، وهى نفسها المسئولة عن الطعون في التقديرات، وبالتالي أصبحت الخصم والحكم في وقت واحد، وهذا لا يجوز دستوريا كما قال الخبراء.
ودائما ما كان يثار تساؤلا حول طبيعة الضريبة العقارية، هل هي ضريبة على الدخل أم على رأس المال، خاصة وأن مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي أخذت بنظام تحديد الضريبة من خلال القيمة الإيجارية للعقار، لأن الضريبة الجديدة تجمع بين الضريبة على الدخل ورأس المال في وقت واحد، والدليل على ذلك أن القانون الجديد ينص على أن الأرض الفضاء غير المستغلة يفرض عليها ضريبة عقارية.
وكانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت من قبل بعدم دستورية الضريبة على الأرض الفضاء، فكيف يخضعها القانون الجديد للضريبة
هذه الطريقة في حساب الضريبة العقارية أدى إلى أن يكون هنا ازدواج ضريبي نتيجة فرض ضريبة الدخل على إيراد العقار المفروش أو المؤجر بمدة، في حين يخضع العقار نفسه للضريبة العقارية، وهو ما جعل الناس تتساءل مثلا عن كيفية فرض الضريبة على غرفة بواب العقار حسبما نصت اللائحة التنفيذية للقانون، أو العشش التي تبنى على أسطح البيوت حيث نص القانون أن تدرج ضمن الإقرار الذي يقدم أيا كانت مادة البناء.
وأبدى خبراء الاقتصاد تخوفهم من أن يؤثر قانون الضرائب العقارية الجديد على المستويين الفردي والجماعي، لأنه بعد خفض أسعار الفائدة اتجه الأفراد لحفظ أموالهم في العقارات، وهذا سيتأثر بعد القانون، وقالت إن الاستثمار سيتأثر سلبيا بعد الضريبة العقارية، خاصة وأن الدراسات أثبتت أن 80% من القطاعات تعمل عندما ينتعش سوق العقارات.
أهم بنود القانون
يفرض القانون ضريبة عقارية على كل شبر في مصر تقريبا يمكن الانتفاع به ما دام يقع في نطاق الأبنية المعمارية، وتقدر الضريبة بـ 14 % من القيمة الإيجارية.
ويأتي أخطر بنود القانون في مادته رقم (4) التي تنص على إعادة تقدير القيمة الضريبية كل 5 سنوات مما يعنى إمكانية أن ترتفع الضريبة بشكل مستمر و يعمق الاتجاه الذي ذهب إليه الكثير من الخبراء في رغبة الحكومة على الخروج من أزماتها على حساب جيوب الفقراء بالتلوين المستمر لقوانين الجباية.
ويؤكد الخبراء أيضا بأن الفقراء هم من سيتحملون نتيجة هذه الزيادات، حيث سيسعى الملاك دائما لرفع القيمة الإيجازية على المستأجرين حتى لا يقعوا في فخ مخالفة القانون الذي يعتبر التهرب من الضريبة جريمة مخلة بالشرف والأمانة.
ويفرض القانون ضريبة على التركيبات التي تقام على أسطح المنازل (العشش وغرف التخزين مثلا) أو واجهات العقارات واللوحات الإعلانية الموجودة على العيادات الطبية والشركات مما يؤكد أن القانون يريد فرض ضريبة على كل شبر في مصر.
عيوب القانون
والمتأمل في القانون الجديد يجد من أهم عيوبه ما يعرف ب "الشريحة الموحدة" ومعناها أن يتساوى ساكنو عشش الترجمان بساكنو شاليهات مارينا، ليس هذا وحسب بل سيكون من أكبر المتضررين من هذا القانون الفلاح المصري البسيط الذي أقام مصنعا بسيطا لمنتجات أرضه مقارنة بكبار مستثمري الساحل الشمالي، حيث أن الحكومة تعفي المستثمرين في الساحل الشمالي من الضريبة لمدة 5 سنوات، بينما مع القانون الجديد ستفرض الضريبة على الفلاح الذي يمتلك مصنعا صغيرا أقيم على ربع فدان رغم أنه أولى الفئات بالتشجيع لأنه مصدر الخير والنماء.
ومن عيوب القانون أيضا أنه يعطي المواطن صاحب الشقة التي تبلغ قيمتها النصف مليون أو أقل الإعفاء "الآن" لكن بعد خمسة أعوام سيتم إعادة تقدير قيمة العقار بنسبة زيادة قدرها 35%، وبالتالي ستزيد قيمته عن حد الإعفاء حيث تبلغ قيمة العقار وقتها 665 ألف جنيه وبعد خمس سنوات أخري تصل قيمة العقار إلي 900 ألف جنيه وهكذا.
ومن العجيب في القانون الجديد في مرحلة تقديم الطعون أن ورغم أن كل القوانين في مصر وغيرها تفرض علي الطرفين "الدولة والمواطن" انتظار حكم القضاء للفصل في الدعاوى، أما في قانون الضرائب العقارية الجديد، فقد
إذا حتى لو طعن المواطن على قيمة الضريبة الخاصة به فإنه في كل الحالات "هيدفع .. هيدفع".
هذه هي حقيقة هذا القانون الذي أهدر كرامة المواطن،ويتعارض مع ابسط قواعد حقوق الانسان التي اقرتها منظمة الأمم المتحدة وجرت عليها الأعراف الدولية في تشريعاتها القانونية، وسيقضي على الطبقة الوسطي وهي عموم شعب مصر، وقد يكون مقدمة لقوانين أخرى أشد تعسفا وأكثر إرهاقا لهذا الشعب وهو ما لا نتمناه، وكذلك سيقضي على الثروة العقارية ويجعل الناس في عزوف عن الشراء أو البناء .
فعلى المشرع و اللجنة التشريعية التي أقرت بنود هذا القانون ضرورة النظر فيه ومراجعته مرة أخرى ليتوافق مع الدستور ويحقق أهدافه في النهاية، فهو صعب وعسير في الفهم والتفسير والتطبيق ولا يتفق مع ابسط قواعد العدل والمساواة ؟!
فهل هذا ما قصد السيد وزير المالية أم ينبغي علينا أن نقدم لسيادته شهادة فقر لاستثنائنا؟!

وهل هكذا يعمل قيادات الحزب الوطني على التيسير على المواطنين ورعاية مصالحهم كما أوصي سيادة الرئيس في برنامجه الرئاسي و خطته للتنمية؟!
ثم هل هذا القانون في مصلحة الحزب وخصوصا أن الانتخابات التشريعية على الأبواب2010م ، والانتخابات الرئاسية في العام القادم؟!
هذا القانون يخالف القانون والدستور وليس في مصلحة احد لا الشعب ولا الحكومة ولا الحزب، وآن للسيد الرئيس أن يتدخل لإنصاف الشعب من هذا الغبن والإجحاف، الذي نعلم حبه وحرصه على رعاية مصالحه ونناشده تحقيق ذلك في اقرب وقت ممكن.
لأن هذا القانون أصاب الشعب بالاكتئاب والحيرة والقلق والبلبلة دون أن يستثني من ذلك أحدا.

ليست هناك تعليقات: