الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

د.إمام حنفي: إثارة قضية المرأة يستهدف هدم الإسلام من الداخل

حوارات

د.إمام حنفي: إثارة قضية المرأة يستهدف هدم الإسلام من الداخل
أجرى الحوار : أسامة الهتيمي
16/08/2010

--------------------------------------------------------------------------------

الإسلام دين الله وأحكام الله واضحة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة ففي القرآن آيات كثيرة تدل على أن المرأة مكلفة مثلها مثل الرجل ولها دور في المجتمع كما هو دور الرجل ومن هذه الآيات:(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) فالمساواة هي القاعدة والاختلاف هو الاستثناء ومع ذلك فإن الكثيرون ما زالو يشككون في هذا القيم الإسلامية الثابته غاضين الطرف والسمع والفؤاد عن كل ما قدمه المسلمون منذ بداية الدعوة وحتى اليوم مما يؤكد صدق المفاهيم الإسلامية تجاه المرأة.
ولذلك فإن من الواجب الذي يبدو في كثير من الأوقات أنه فرضا أن يتم الرد على ما يثيره هؤلاء المشككون من شبهات تهدف إلى تشويه الإسلام وهو ما دفعنا لإجراء هذا الحوار مع الدكتور إمام حنفي عبد الله الكاتب والباحث الإسلامي في الأخلاق .وهذا نص الحوار..
الناظر إلى الفكر الإسلامي لا يجد قضية اسمها المرأة غير أن أعداء الإسلام والغافلين يصرون على عكس ذلك .. من الناحية الواقعية هل لدينا مشكلة للمرأة وما هي بنظركم أسبابها؟
حقيقي لا توجد قضية اسمها "المرأة في الاسلام"، وانما هي من اختراعات وافتراءات أعداء الإسلام ، ولهم مقاصد من إثارة هذه القضية على وجه الخصوص وهو هدم الاسلام من الداخل بعد أن أعجزهم مواجهة المجاهدين من أبنائه في ميادين القتال وانهزموا أمامهم ، كما أعياهم اختراق الإسلام ثقافيا فتوجهوا إلى البناء الاجتماعي بغية اختراقه وهدمه وتقويض أساس الأسرة الذي يرعى المسلم والمسلمة ابنا وزوجا وأبا وأخا وابنة وزوجة وأختا وأما وهكذا
وبدا لهم بعض النجاحات ولاحت بعد ان أثروا في المرأة العربية والمسلمة عن طريق الإعلام الموجه الفاسد ونشر الموضة والافكار الخبيثة في الأمة ولكن هيهات لهم ذلك.
لقد لعب الاستعمار دورا كبيرا في فكرة تحرير المراة وإفسادها وخلع النقاب وخروجها في ميادين العمل لغير ضرورة واختلاطها في مواطن الشبهات والشهوات.
والحقيقة أنه عندنا مشكلة تحرير الإنسان وإنصافه من الاستبداد السياسي وإرساء دولة المؤسسات والقانون على اساس من الدستور الاسلامي. أما مشكلة المرأة فهي مشكلة زائفة وإلا فاين مشكلة الرجل وقضية الرجل في مقابل تلك القضية؟!
أذاً لعب الاستعمار وعملاؤه دورا بارزا في إثارة قضية المرأة واعتبروها ورقة رابحة في تغييير الواقع الاسلامي وتفتيت وحدته وكسر إرادته، يضاف الي ذلك جهل المسلمين أنفسهم بحقائق الإسلام وثوابته وقيمه الداعية الى العدل والمساواة والحق والخير.
وهكذا نجد المسلمين بين العادات الوافدة والتقاليد الفاسدة ضيعوا الدين ولم يحصلوا الدنيا !!!!! فالاسلام في واد والمسلمون فى واد آخر. فالله عز وجل يقول في محكم التنزيل:"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير " والمسلمون - حكومات وشعوب - أبعد ما يكون عن قيم الحرية والعدل والمساواة المنبثقة من دستورهم الإلهي العظيم !! فتكاد لا تري للمساواة أثرا واضحا في واقع المسلمين أفرادا ولا جماعات ، وهذا حديث ينبغي ان نفرده بحوار مستقل فيما بعد ولا ينبغي أن ننسى وصايا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : "المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا وقوله:" لا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوي كلكم لادم وادم من تراب". فلا مكان في الإسلام لدعاوى الغرب التي ترمي لتفسخ المجتمع الإسلامي
أما المرأة المسلمة الآن فرغم كل محاولات إفسادها والتاثير في إخلاقها وسلوكها ومحو هويتها الإسلامية فهي متمسكة بإخلاقها ودينها وقيمها.

يرى البعض أن أعداء الإسلام وجدوا في وضع المرأة المسلمة المتدني فرصة لإثارة قضيتها والادعاء بتهميش الإسلام لها.. ما تقييمكم لواقع المرأة المسلمة؟
لاشك أن المرأة في بلادنا تعاني بعض المشكلات التي جاءت نتيجة لأسباب عدة، منها تخلف المجتمع الإسلامي ببعده عن حقائق الإسلام وقيمه النبيلة ، وتأثره بالعادات والتقاليد البالية والتي تحرم المرأة في بعض المجتمعات من حقها الشرعي في الميراث أو تحرمها من حق اختيار الزوج المناسب، وكذلك شاركت الحياة المعاصرة بكل ما فيها من رواسب وما تنتجه من مشكلات للمراة فنجد بعض البيئات تحرمها من العمل اذا هي تغيبت لرعاية الطفل او حضانته او تحرمها من حق الحضانة نفسه في بعض الاحيان او حق الطلاق وعضلها وهكذا.
أما ما يدندن حوله اعداء الاسلام والمراة من حمل لواء التحرير وتخليصها من اسر واستبداد المجتمع الذكوري فهي دعوة معروفة والهدف نشاهده في البيئات الاوربية والغربية التي انتجته فاصطلت بنارها
مجتمع اللواط والسحاق والزنا والمثليين مصيره للفناء والدمار من الداخل وكفي الاطلاع على الاعلام الغربي الان وكيف يحذر ويجمع الجهود من اجل حل مشكلات ما بعد المعاصرة وتحرير المراة وانحلال المجتمع.
ولذلك نقول إن مشكلة المرأة في بلادنا هي مشكلة مجتمع بأسره يحكم بقوانين وضعية لا يحترمها الناس وأول من ينتهكها واضعوها ومشرعوها.
وفقدان المجتمع للأمان والشورى والديمقراطية بمفهومها الإسلامي والتي لا تحل حراما ولا تحرم حلالا ولا تعادي مجتمعا مسلما ولا توالي مجتمعا كافرا ولا تناصر عليه. فالمشكلة ليست مشكلة المرأة ولكنها مشكلة الإنسان المستضعف في بلاده، فعندما توضع الأمور في نصابها الصحيح ستجد المرأة أمنها وحقوقها الشرعية كاملة مكملة وغير منقوصة يقول الله تعالي: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال".
فالمرأة نفس والرجل نفس ولا فضل لنفس على نفس إلا بالتقوى والعمل الصالح، يقول الله تعالي" للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا" ، وقال تعالى: " ونفس وما سوها فألهمها فجورها وتقواها" ، وقال تعالى:"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون". فانظر إلى قوله تعالى: "من أنفسكم"، وكيف كرم الإسلام النفس الإنسانية - مطلق النفس- وكيف حط من هذا التكريم الاستبداد والفساد الاجتماعي، ففرق بين نفس ونفس فقهرها واغتصب حقها في الميراث وأذلها باسم القوامة وحق الولاية!!
وما هكذا أمر الشرع ولا أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "استوصوا بالنساء خيرا، انهن عوان عندكم"، وقوله " لا يكرموهن إلا كريم ولا يضربوهن إلا لئيم".

تحدثت العديد من المصادر التاريخية فضلا عن كتب السنة النبوية عن الدور الكبير للمرأة في أوائل الدعوة الإسلامية.. نود أن تسلطوا لنا الضوء على هذا الدور؟
جاء الإسلام بثورة ضد الظلم والاستبداد والقهر، فجاء بثورة لتحرير الانسان من عبودية العباد للعباد إلي حرية توجه العباد جميعا لربهم عبودية وطاعة وحكما عدلا.
ومن هذه الفئات التي كانت مستضعفة قبل الإسلام المرأة، فقد كانت مستضعفة في البيئة العربية وفي الإمبراطورية الرومانية والفارسية وعند اليونان وعند الهنود وعند أصحاب الأديان السماوية اليهودية والنصرانية، والذين اختلفوا هل هي نفس أم لا وهل هي كائن طاهر أم نجس؟!!!
وهكذا كانت المرأة مظلومة ومقهورة ومستضعفة في كل مكان من الأرض وعند كل أمة وفي كل دين حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم، والذي حرر الإنسان من قهر وعبودية واستبداد أخيه الإنسان له وكذلك المرأة. ولك أن تستمع إليه وهو يقول لأصحابه "استوصوا بالنساء خيرا" في آخر وصاياه في حجة الوداع وأمام أعظم مشهد عالمي يوصي رجال أمته بنسائها. واستمع إليه حين يقول" النساء شقائق الرجال" ، و"كمل من النساء اربع اسيا بنت مزاحم- زوجة فرعون- ومريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد". وينزل الله سورة في كتابه الكريم سورة فيسميها سورة النساء ولا تجد لها نظيرا في الحث على إنصاف النساء وتشريع حقوقهن في العدالة الاجتماعية والميراث والوصايا وغيرها، ويجعل لها ذمه مالية مستقلة لا يوجد مثيل لها في أي تشريع أو في أي دين، ولذلك لم يكن مستغربا في أن نجد القران يخاطب النساء كما يخاطب الرجال بشرعه على السواء لا فرق بين احدهم فخطاب الله إلى البشر ورسالته إلى الناس متجهة إلى المرأة والرجل على حد سواء ، وشخصية المرأة تجاه الرجل مستقلة تماما : فهي مطالبة بالإيمان بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر ومخاطبة بكافة التكاليف الشرعية دون وساطة أحد أو وصايته وهي تتحمل المسؤولية الكاملة في كل ذلك .
يقول تعالي:" إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ".
ويقول تعالى:" ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ".
وهكذا لما جاء خطاب التكريم بتخصيص النساء كان تأكيدا لتلك المكانة الكريمة للمرأة المسلمة كما ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في المصير فقرر أن البشر جميعا صائرون إلى الله الذي خلقهم أول مرة وكل واحد منهم ذكرا كان أم أنثى سيلقى هناك جزاء عمله في هذه الدنيا ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، فقال تعالى: " وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ". وقال: " وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى " وقال: " وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى " وقال: " ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى " وقال: "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ " وقال: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ".
وعلينا أن ننظر لمكانة ودور المرأة في صدر الإسلام، لنعرف كيف كرم الإسلام المرأة ورفع قدرها وشانها هي كل الميادين والمجالات.
ستجد أن أول من أسلم كانت امرأة وأول، من ناصر الدعوة بماله ونفسه امرأة وهي السيدة خديجة بنتت خويلد رضي الله عنها، ولذلك كان خليقا بالوحي أن ينزل على نبيه الكريم يبشره ويبشرها بقوله "يا محمد اقرأ خديجة من ربها السلام وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب".
وكذلك نذكر أن أول شهيدة في الإسلام كانت امرأة وهي السيدة سمية بنت خياط رضي الله عنها، والتي وقفت لزعيم الكفر وفرعون الأمة أبي جهل وقفة عز أن يقف مثلها أقوي الرجال، ولكنها صمدت بإيمانها ورفضت الكفر لتعيش واختارت الشهادة والجنة، ولم تكن وصية الرسول لآل ياسر سوي بشارة إلهية لأول أسرة مرابطة في الإسلام:"اصبروا آل ياسر فان موعدكم الجنة"، وتحقق وعد الله وموعوده فاستشهدت الأم واستشهد الأب وبعد سنوات ليست بالقريبة استشهد عمار في موقعة الجمل. وكذلك السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق" ذات النطاقين" والتي جاهدت في سبيل الله وضربت أعظم الأمثلة في البذل والعطاء. والسيدة نسيبة بنت كعب الأنصارية التي شهدت بيعة العقبة الأولى والثانية وجاهدت إلى جوار رسول الله في أحد حتى قال عنها صلى الله عليه وسلم: "ما نظرت أمامي أو من خلفي أو عن يميني أو شمالي إلا وجدت أم عمارة تدفع دوني" أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وكذلك السيدة عائشة ضي الله عنها والتي اختارها الله لنبيه فحفظت الشرع الحنيف وأخذنا عنها نصف العلم ، وكانت فقيهة الصحابة : "خذوا العلم عن هذه الحميراء".
والسيدة أم سلمة التي هاجرت الهجرة الأولي إلى الحبشة مع زوجها ثم عادت وجاهدت في سبيل الله وهاجرت الهجرة الثانية إلى المدينة، واستشهد زوجها واختار لها الله رسوله زوجا وعوضا ، نجد لها موقفا بطوليا في الدعوة لا مثيل له، وذلك يوم الحديبية لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يتحللوا ويذبحوا الهدي، فلم يتحرك أحد من مكانه فدخل عليها النبي وهو يقول: "هلك الناس"، فأشارت عليه أن يبدأ بالتحلل والذبح وسيتبعونه في العمل ففعل وفعلوا كما فعل فكانت خيرا وبركةعلى الاسلام والمسلمين .
وهناك السيدة زينب بنت جحش والتي نزل في حقها تشريع نتعبد به لله تعالى الي يوم الدين وهو تحريم التبني قال تعالى:" مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا "
فما كان من الحق تعالى إلا أن زوجها لنبيه من فوق سبع سموات :" فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا"، وكانت كثيرة الصيام والصلاة والصدقة. وكذلك السيدة أم هانئ والتي أجارت فأقر الرسول جوارها وأمضاه. ولما جاء الإسلام أسلمت المرأة وهاجرت ، مع كفر الزوج والأب وكافة الأقارب من الرجال، فهذه أم حبيبة بنت أبي سفيان تسلم وتهاجر مع أن أباها كان إذ ذاك من رؤوس الكفر ويرتد زوجها فتثبت هي على الإسلام . وهذه فاطمة بنت الخطاب تسلم قبل إسلام أخيها عمر وتكون هي سبب إسلامه بواسطة تصديها وتحديها له لما علم بإسلامها وأراد أن يفتنها. وهذه أم كلثوم بنت عقبة ابن أبي معيط تسلم وتهاجر رغم أن كل أفراد أسرتها كانوا على الشرك .
وكثيرات هن اللواتي كن السبب في إسلام أزواجهن منهن أم سليم زوجة أبي طلحة الأنصاري ، وأم حكيم بنت حزام زوجة عكرمة بن أبي جهل ، وغيرهن كثير
والنماذج التي جاءت في السيرة النبوية كثيرة وتكاد لا تعد، وفيهن جميعا القدوة والمثل الذي يحتذي في الدعوة والجهاد والبذل والعطاء.
بعد ذلك الاستعراض كيف يمكن لنا أن نستعيد هذا الدور النسوي الآن سواء على مستوى النهضة بالمجتمع أو على المستوى الدعوي؟
يمكن ذلك إذا أقررنا قواعد الإسلام ومنهجه الرباني في التأصيل والعمل، وكما قلت من قبل إن مشكلة الإسلام بيننا أننا تجاهلنا تطبيقه، ولكننا نهرع إليه ليحل مشاكلنا، فمثلا مشكلة المرأة الآن في العالم الإسلامي هو تجاهلها عند عدم الحاجة إليها ، أما الحديث عنها فجميل واستحضار أحاديث الرسول عن المرأة كأم مثلا ولا اروع ، فمثلا نجد بعض الأبناء يودعون أمهاتهم دور الرعاية أو لا يعتنون بهن عند الكبر أصلا ، ثم هم يبحثون عن حلول اجتماعية في الإسلام لمشاكل عقوق الأبناء!!! والآباء يشاركون الأمهات في هذه المشكلة ولكن أعداء الإسلام يسلطون الضوء على مشكلة ما كالرعاية الاجتماعية أو العنوسة أو الفقر أو الاستبداد الأسري من قبل بعض أفراد العائلة لهضم حقوق المرأة الاجتماعية أو تزويجها غير كفؤ من أجل المال أو الجاه أو إرغامها على ما لا تريد كأن تترك التعليم او تتنازل عن الميراث، وهكذا.
وللمرأة دور كبير للنهوض بالمجتمع عن طرق استعادة الوعي الإسلامي من الناحية الثقافية والإعلامية وعن طريق الجمعيات الإسلامية والمشاركة المجتمعية. وهي بالفعل تقوم بدور فعال في مجالات عديدة الآن فهي تشارك في التعليم فتعمل كمدرسة ووصلت إلى أعلى الدرجات والمراكز العلمية والإدارية والتربوية ، وهي تعمل في مجال الطب وبالجملة فقد طرقت أغلب الميادين واتسعت مشاركاتها بزيادة الوعي الديني بين أبناء المجتمع وبدأت كثير من الممارسات السلبية ضدها في الانحصار. أما في مجال الدعوة فنحن نشاهد صحوة ونهضة ظهرت ثمارها في المجتمع بانتشار الداعيات المسلمات في مجال الدعوة والارشاد الديني وتجاوز دورهن في المسجد والمعهد والكتاب إلى المشاركة الإيجابية في النهوض بالمرأة الريفية ومساعدة الأيتام ومحاربة العنوسة والأمية والجهل والمساهمة في إرشاد وتعليم غير القادرات بعض المهن اليدوية والبسيطة من أجل العمل والكسب المشروع وعدم السؤال والحاجة والعوز.
يحاول البعض الترويج بأن المرأة المسلمة لم تنل حقها في التعليم إلا في العصر الراهن وأنها ظلت محرومة منه طوال تاريخها.. ما تعليقكم على هذا وما موقف الإسلام من تعليم المرأة ؟ كما نود إعطاءنا بعض النماذج لعالمات مسلمات ؟
يجب التفريق بين المجتمع الإسلامي قبل الاستعمار وبعده، ومن هنا يمكن حل كثير من الإشكاليات التي تعترض الدارسين في التاريخ والفكر الإسلامي فقد ظل العالم الاسلامي قبلة الدنيا وجامعاته ومعاهده تأم طلاب العلم من كل مكان حتي بدأت الحملات الاستعمارية الغاشمة ، فبدأ كل شيء في الانحصار حتي وصلنا للمشهد الذي نقرأه قبل النهضة منذ أقل من قرن ونصف وظهور جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده وتزعمهما للنهضة الفكرية والعلمية، وظهور جيل من الرواد في الدين والأدب والتاريخ والعلوم الطبية والفلكية والهندسية فتسارعت عملية التغيير وأتي بثماره في نواح عديدة منها التعليم.
وبدأت حركة بناء المدارس مع تولي محمد على باشا لحكم مصر ومن المعروف أن أول مدرسة نظامية في مصر والعالم العربي لتعليم البنات هي مدرسة السنية في عهد الخديو اسماعيل اما قبل ذلك فقد كان التعليم في الكتاتيب والأزهر، وكان حظ المرأة من التعليم قليل جدا وكذلك الرجل ، إذ إن المماليك في عهودهم الأخيرة لم يهتموا بالتعليم وآمنوا بأن حكم شعب من الجهلاء أسهل وأيسر. ولكن إذا ما استعرضنا موقف الإسلام من العلم والتعليم على سبيل الإجمال وتعليم المرأة علي الخصوص نجد الحق في كتابه الكريم يوصي بالعلم والتعلم، فيقول تعالى :" قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"، "وقل رب زدني علما" ، "وعلمه مما يشاء" . "وعلم آدم الأسماء كلها".
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم "طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة". ويقول: "العلماء ورثة الأنبياء". ومن هديه صلى الله عليه وسلم تعليم صحابته وأبناء المسلمين، وقد كان فكاك الأسرى في بدر هو تعليم أبناء المسلمين. ولكم أن تعلموا أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت فقيهة الصحابة وكانت تعقد لعلمائهم الدروس ويشاورونها فيما يعن لهم من مسائل وقضايا ومن عالمات الصحابة السيدة أسماء بنت عميس.
من عالمات بيت النبوة السيدة زينب والسيدة نفيسة ومعجم الأعلام يزخر بمئات الأسماء من المحدثات الفقيهات. وفي عصرنا نجد العديد من عالمات الشريعة واللاتي تخرجن في الجامعات والمعاهد الشرعية والأزهر الشريف وعلى رأسهن نجد أسماء لامعة أثرت المكتبة الإسلامية بالكثير من المؤلفات.

ليست هناك تعليقات: